مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه185
مسند احمد
حدثنا يحيى، عن محمد بن أبي يحيى، قال: حدثني أبي، أن أبا سعيد الخدري حدثه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يوم الحديبية قال: " لا توقدوا نارا بليل " قال: فلما كان بعد ذاك (3)
قوله : ( قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية : أنتم خير أهل الأرض ) هذا صريح في فضل أصحاب الشجرة ، فقد كان من المسلمين إذ ذاك جماعة بمكة وبالمدينة وبغيرهما ، وعند أحمد بإسناد حسن عن أبي سعيد الخدري قال : لما كان بالحديبية قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا توقدوا نارا بليل . فلما كان بعد [ ص: 508 ] ذلك قال : أوقدوا واصطنعوا فإنه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم ولا مدكم وعند مسلم من حديث جابر مرفوعا لا يدخل النار من شهد بدرا والحديبية وروى مسلم أيضا من حديث أم مبشر أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا يدخل النار أحد من أصحاب الشجرة وتمسك به بعض الشيعة في تفضيل علي على عثمان ؛ لأن عليا كان من جملة من خوطب بذلك وممن بايع تحت الشجرة وكان عثمان حينئذ غائبا كما تقدم في المناقب من حديث ابن عمر ، لكن تقدم في حديث ابن عمر المذكور أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بايع عنه فاستوى معهم عثمان في الخيرية المذكورة ، ولم يقصد في الحديث إلى تفضيل بعضهم على بعض ، واستدل به أيضا على أن الخضر ليس بحي ؛ لأنه لو كان حيا مع ثبوت كونه نبيا للزم تفضيل غير النبي على النبي وهو باطل فدل على أنه ليس بحي حينئذ ، وأجاب من زعم أنه حي باحتمال أن يكون حينئذ حاضرا معهم ولم يقصد إلى تفضيل بعضهم على بعض ، أو لم يكن على وجه الأرض بل كان في البحر ، والثاني جواب ساقط ، وعكس ابن التين فاستدل به على أن الخضر ليس بنبي فبنى الأمر على أنه حي وأنه دخل في عموم من فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل الشجرة عليهم ، وقد قدمنا الأدلة الواضحة على ثبوت نبوة الخضر في أحاديث الأنبياء .
وأغرب ابن التين فجزم أن إلياس ليس بنبي وبناه على قول من زعم أنه أيضا حي ، وهو ضعيف أعني كونه حيا ، وأما كونه ليس بنبي فنفي باطل ففي القرآن العظيم وإن إلياس لمن المرسلين فكيف يكون أحد من بني آدم مرسلا وليس بنبي ؟
قوله : ( ولو كنت أبصر اليوم ) يعني أنه كان عمي في آخر عمره .
قوله : ( تابعه الأعمش سمع سالما ) يعني ابن أبي الجعد ( سمع جابرا ألفا وأربعمائة ) أي في قوله ألفا وأربعمائة ، وهذه الطريق وصلها المؤلف في آخر كتاب الأشربة وساق الحديث أتم مما هنا ، وبين في آخره الاختلاف فيه على سالم ثم على جابر في العدد المذكور ، وقد بينت وجه الجمع قريبا . وقيل : إنما عدل الصحابي عن قوله : ألف وأربعمائة إلى قوله : أربع عشرة مائة للإشارة إلى أن الجيش كان منقسما إلى المئات وكانت كل مائة ممتازة عن الأخرى إما بالنسبة إلى القبائل وإما بالنسبة إلى الصفات . قال ابن دحية : الاختلاف في عددهم دال على أنه قيل بالتخمين . وتعقب بإمكان الجمع كما تقدم .