‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه460

مسند احمد

‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه460

حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا رباح، عن معمر، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري قال: اجتمع أناس من الأنصار فقالوا: آثر علينا غيرنا، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فجمعهم، ثم خطبهم، فقال: " يا معشر الأنصار، ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله؟ " قالوا: صدق الله ورسوله، قال: " ألم تكونوا ضلالا، فهداكم الله؟ " قالوا: صدق الله ورسوله، قال: " ألم تكونوا فقراء، فأغناكم الله؟ " قالوا: صدق الله ورسوله، ثم قال: " ألا تجيبونني؟ ألا تقولون: أتيتنا طريدا فآويناك، وأتيتنا خائفا فآمناك، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والبقران، - يعني البقر - وتذهبون برسول الله، فتدخلونه بيوتكم (1) ، لو أن الناس سلكوا واديا أو شعبة، وسلكتم واديا أو شعبة لسلكت (2) واديكم أو شعبتكم، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، وإنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا، حتى تلقوني، على الحوض " (3)

للأنصارِ دَورٌ كبيرٌ في نُصرةِ الإسلامِ ونُصْرةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلَّم؛ ولذلكَ عظُمَ فضْلُهمْ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ أبو قَتادةَ الأنصاريُّ رضِيَ اللهُ عنه: "سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ على المِنبرِ للأنصارِ: ألَا إنَّ النَّاسَ دِثارِي"، والدِّثارُ: هوَ الثَّوبُ الَّذي يكونُ فوقَ الثِّيابِ الَّتي تَلِي الجِلْدَ، "والأنصارَ شِعاري"، والشِّعارُ: هو الثَّوبُ الَّذي يَلِي الجِلْدَ، أرادَ أنَّهمْ أقرَبُ النَّاسِ إليه، "لو سلَكَ النَّاسُ واديًا وسلَكَتِ الأنصارُ شِعْبةً لَاتَّبَعْتُ شِعْبَ الأنصارِ"، والشِّعبُ: هو الطَّريقُ في الجبَلِ، والمعنى: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سيَأخُذُ طريقَ الأنصارِ ويَترُكُ طريقَ سائرِ النَّاسِ؛ وذلكَ لفَضْلِ الأنصارِ، "فمَن وَلِيَ أمْرَ الأنصارِ"، أي: بالإمارةِ وما يُشبِهُها، "فلْيُحسِنْ إلى مُحسِنِهم"، أي: يَبذُلُ فيهم الخيرَ والإكرامَ، "ولْيتجاوَزْ"، أي: يَعْفو، "عن مُسيئِهم، فمَن أفزَعَهم فقد أفزَعَ هذا الَّذي بيْن هذينِ- وأشار إلى نفْسِه-"، أي: مَن أصاب الأنصارَ بالخوفِ أو الضَّررِ فقد أوقَعَ نفْسَ الأمْرِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وهذا مِن تَعظيمِ أمْرِهم وشأْنِهم، والتَّحذيرِ مِن إيقاعِ الأذَى بهم.
وفي هذا الحديثِ: بَيانُ مَنزِلةِ الأَنصارِ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
وفيه: الحِرصُ على الاستجابةِ لوَصِيَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الأنصارِ.