مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه597
مسند احمد
حدثنا عفان، حدثنا حماد، عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أهون أهل النار عذابا رجل منتعل بنعلين من نار، يغلي منهما دماغه مع إجراء العذاب، ومنهم من في النار إلى كعبيه مع إجراء العذاب، ومنهم من في النار إلى ركبتيه مع إجراء العذاب، ومنهم من في النار إلى أرنبته مع إجراء العذاب، ومنهم من في النار إلى صدره مع إجراء العذاب قد اغتمر " (2)
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو سعيدٍ الخُدريُّ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "إنَّ أهوَنَ أهْلِ النَّارِ عذابًا"، أي: إنَّ أقلَّ أهْلِ النَّارِ عذابًا، "رجُلٌ مُنتعِلٌ بنَعْلينِ مِن نارٍ"، أي: يُجعَلُ في قَدمَيهِ أو حَوْلَهما نَعْلانِ مُحيطانِ بهما، مَصنوعانِ مِن نارِ جهنَّم، كما قال تعالى: {قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} [الحج: 19]، ومع تَصوُّرِ هذينِ النَّعْلينِ، وأنَّه أقلُّ أهلِ النَّارِ عذابًا، فإنَّه "يَغْلي منهما دِماغُه"، وغَليانُ الدِّماغِ مِن حَرارةِ النَّعلينِ يُوضِّحُ مَدى شِدَّةِ هذه الحرارةِ الصَّادرةِ عن نَعْلينِ فقطْ مِن النَّارِ، وتدلُّ على أنَّ العذابَ والغَليانَ قد وقَعَا على الجَسدِ كلِّه، "مع أجزاءِ العذابِ"، وأجزاءٌ: جمْعُ جُزءٍ أي: مع سائرِ أنواعِ العذابِ، أو مَصدَرُ أجْزَأَ، أي: مع كِفايةِ ذلك العذابِ له، وظاهِرُ بعضِ النُّسخِ أنَّه مَصدَرُ أجْرى- بالرَّاءِ- أي: مع إجراءِ العذابِ على تَمامِ بَدَنِه.
ثمَّ بيَّنَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ العذابَ يكونُ على قَدْرِ العمَلِ، وأنَّ الجسَدَ يُعذَّبُ بأنواعٍ مِن النِّيرانِ؛ فقال صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "ومنهم مَن في النَّارِ إلى كَعبيْهِ مع أجزاءِ العذابِ، ومنهم مَن في النَّارِ إلى رُكبتَيْه مع أجزاءِ العذابِ، ومنهم مَن في النَّارِ إلى أرْنَبَتِه"، وهي طرَفُ الأنْفِ، "مع إجراءِ العذابِ، ومنهم مَن في النَّارِ إلى صَدْرِه مع إجراءِ العذابِ، ومنهم مَن قدِ اغتمَرَ"، أي: قد غطَّتْهُ النَّارُ كلَّه.
وفي الحديثِ: بَيانُ شدَّةِ عذابِ النَّارِ، وأنَّ أقلَّه نَعلانِ يَغلي منهما الدِّماغُ.
وفيه: التَّخويفُ مِن النَّارِ، والحثُّ على عَملِ ما يُبعِدُ عنها.