مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه679
حدثنا الضحاك بن مخلد، عن عبد الحميد بن جعفر، حدثني أبي، عن سعيد بن عمير الأنصاري، قال: جلست إلى عبد الله بن عمر وأبي سعيد الخدري فقال أحدهما لصاحبه: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر " أنه يبلغ العرق من الناس يوم القيامة " فقال أحدهما: إلى شحمته، وقال الآخر: " يلجمه " فخط ابن عمر وأشار أبو عاصم بأصبعه من أسفل شحمة أذنيه إلى فيه، فقال: " ما أرى ذاك إلا سواء " (2)
لقيامِ السَّاعةِ أهوالٌ شَديدةٌ، وأحداثٌ جَسيمةٌ ذَكَرَها اللهُ تَعالى في القُرآنِ الكَريمِ، وذَكَرَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سُنَّتِه، ومِمَّا جاءَ مِن أهوالِ يَومِ القيامةِ أنَّ الشَّمسَ تَدنو مِنَ الأرضِ، أي: تَقتَرِبُ، وهذا مِنَ الخَوارِقِ الواقِعةِ يَومَ القيامةِ، حَتَّى يَعرَقَ النَّاسُ عَرَقًا شَديدًا مِن شِدَّةِ قُربِ الشَّمسِ مِنَ الأرضِ، وتَكونُ أحوالُ النَّاسِ في عَرَقِهم مُختَلِفةً بحَسَبِ أعمالِهم وخَطاياهم، كما جاءَ ذلك موضَّحًا في رِوايةٍ أُخرى، فمِنَ النَّاسِ مَن يَبلُغُ عَرَقُه عَقِبَيه، أي: عِندَ عَقِبِ رِجلِه، وهو مُؤَخَّرُ القدَمِ، ومِنهم مَن يبلُغُ عَرَقُه إلى نِصفِ السَّاقِ، ومِنهم مَن يَبلُغُ عَرَقُه إلى رُكبَتَيه، ومِنهم مَن يَبلُغُ العَجُزَ، أي: مُؤَخَّرَتَه، ومِنهم مَن يَبلُغُ عَرَقُه إلى الخاصِرةِ، وهيَ وسَطُ الإنسانِ، ومِنهم مَن يَبلُغُ عَرَقُه إلى مَنكِبَيه، ومِنهم مَن يَبلُغُ عَرَقُه إلى عُنُقِه، ومِنهم مَن يَبلُغُ وسَطَ فيه -وأشارَ بيَدِه فألجَمَها فاهُ، رَأيُت رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُشيرُ هَكَذا- أي: مِنهم مَن يَبلُغُ به العَرَقُ إلى فيه حَتَّى يَكونَ عَرَقُه كلجامِ الفرَسِ، ومِنهم مَن يُغَطِّيه عَرَقُه، أي: يُغَطِّي جَميعَ بَدَنِه، وضَربَ بيَدِه إشارةً، أي: إشارةً إلى تَغطيةِ جَميعِ بَدَنِه، ففي رِوايةٍ: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَّ يَدَه فوقَ رَأسِه مِن غَيرِ أن يُصيبَ الرَّأسَ.
وفي الحَديثِ بَيانُ دُنُوِّ الشَّمسِ مِنَ الأرضِ يَومَ القيامةِ.
وفيه بَيانُ حالٍ مِن أهوالِ يَومِ القيامةِ، وهو عَرَقُ النَّاسِ.
وفيه أنَّ أحوالَ الآخِرةِ تَختَلِفُ عن أحوالِ الدُّنيا.
وفيه اختِلافُ حالِ النَّاسِ في العَرَقِ يَومَ القيامةِ حَسَبَ أعمالِهم .