مسند أبي هريرة رضي الله عنه 276
مسند احمد
حدثنا يحيى، حدثنا الأوزاعي، حدثني الزهري، حدثني ثابت الزرقي، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا الريح، فإنها تجيء بالرحمة والعذاب، ولكن سلوا الله خيرها، وتعوذوا بالله من شرها»
للهِ عزَّ وجلَّ جنودٌ كثيرةٌ، ولا يَعلمُ جُنودَه إلَّا هو سُبحانَه وتَعالى، والرِّيحُ جُندٌ مِن جنودِ اللهِ عزَّ وجلَّ، جعَلَ اللهُ فيها رَحمةً، وجَعَل فيها عذابًا
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا تَسُبوا الرِّيحَ"، أي: لا تلعَنوها لضرَرٍ أصابَكم منها؛ لأنها مأمورةٌ من اللهِ عزَّ وجلَّ، والمأمورُ معذورٌ؛ "فإنَّها من رَوْحِ اللهِ تَعالى"، يعني: مِن رَحمتِه وفرَجِه، "تأتي بالرَّحمةِ والعَذابِ"، أي: تكونُ رحمةً على المُؤمِنينَ؛ فبها تَسيرُ السُّفُنُ، ويَنزِلُ المطَرُ النَّافِعُ بسَوْقِها وتَجْميعِها للسَّحابِ، وتأتي أيضًا بالراحَةِ والنَّسيمِ، وتكونُ عذابًا على الكافِرينَ فتُهلِكُهم، كرِيحِ عادٍ التي لم تمُرَّ على شَيءٍ إلَّا جَعَلتْه كالرَّميمِ، وإنذارًا بإتلافِ النَّباتِ، والشَّجرِ، وهلاكِ الماشيةِ والحيواناتِ النافعةِ، وغيرِ ذلك؛ ولهذا فلا تَسُبُّوها؛ لأنَّها مأمورةٌ، ولا ذَنْبَ لها، "ولكن سَلوا اللهَ من خَيرِها"، أي: اسأَلوا اللهَ مِن خيرِ ما أُرسِلَت بهِ كأتِيانِها بالمطرِ ونحوِه، "وتعوَّذوا باللهِ من شرِّها"، يعني: من شَرِّ ما أُرسِلَتْ به كإتلافِ النباتِ والشَّجرِ وهلاكِ الماشيةِ وهدْمِ الأبنيةِ، ونَحوِه
وفي الحديث: النهيُ عن سبِّ الرِّيحِ
وفيه: العوذُ واللجوءُ إلى اللهِ تعالى عِندَ الشَّدائدِ ورُؤيةِ ما يُكرَهُ