مسند أبي هريرة رضي الله عنه 387
مسند احمد
حدثنا عبد الوهاب الثقفي، حدثنا أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «تسموا باسمي، ولا تكتنوا بكنيتي»
في هذا الحديثِ يَحكي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما أنَّه: "وُلِدَ لِفُلانٍ مِن الأنصارِ غُلامٌ، فسمَّاهُ مُحمَّدًا، فقالتِ الأنصارُ: لا نُكنِّيك برَسولِ اللهِ"، أي: لا نُناديك بأبي محمَّدٍ، "حتَّى قعَدْنا في الطَّريقِ نسأَلُه"، أي: نَسأَلُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "عن السَّاعةِ، فقال: جِئْتُموني تَسأَلُوني عن السَّاعةِ؟" أي: عن أماراتِها ومَوعدِها، وكان ذلك قبْلَ مَوتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بشَهْرٍ أو نَحوِه، "قُلْنا: نعم، قال: ما مِن نفْسٍ مَنفوسةٍ يأْتي عليها مِئةُ سَنةٍ"، المُرادُ: أنَّ كلَّ نفْسٍ مَخلوقةٍ كانتْ تلك اللَّيلةَ على الأرضِ لا تَعيشُ بعدَها أكثرَ مِن مِئةِ سَنةٍ، سواءٌ قلَّ عُمرُها قبْلَ ذلك أمْ لا، وليسَ فيه نَفْيُ عَيْشِ أحدٍ يُوجَدُ بعدَ تلكَ اللَّيلةِ فوقَ مِئةِ سَنةٍ، "قُلْنا: وُلِدَ لِرجُلٍ مِن الأنصارِ غُلامٌ فسمَّاهُ محمَّدًا، فقالتِ الأنصارُ: لا نُكنِّيك برسولِ اللهِ، قال: أحسَنَتِ الأنصارُ، سَمُّوا باسْمِي ولا تَكْتَنوا بكُنْيَتي"، يعني: سَمُّوا بمحمَّدٍ، ولكنْ لا تَكتَنُوا بكُنْيَتِي، وهي أبو القاسمِ، ولمَّا كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُكْنى أبا القاسمِ؛ لأنَّه يَقسِمُ بيْن النَّاسِ مِن قِبَلِ اللهِ تعالى ما يُوحَى إليه ويَنزِلُ عليه، ويُنزِلُهم مَنازِلَهم الَّتي يَستحِقُّونها مِن الشَّرفِ والفضْلِ وقَسْمِ الغَنائمِ، ولم يكُنْ أحدٌ منهم يُشارِكُه في هذا المعنى: منَعَ أنْ يُكْنَى به غيرُه بهذا المعنى، وقد قيل: إنَّ النَّهيَ كان مُتعلِّقًا بزَمَنِه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وفي الحديثِ: عَلَمٌ مِن أعلامِ نُبوَّتِه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وفيه: تَعظيمُ مَكانةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالتوَقِّي والحَذَرِ عند اختيارِ الأسماءِ والكُنَى، التي يَحتمِلُ أنْ يكونَ في استِخدامِها إساءةٌ له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ