مسند أبي هريرة رضي الله عنه 537
مسند احمد
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبة على جداره» ثم يقول أبو هريرة: «مالي [ص:132] أراكم معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم»
الجارُ في الإسلامِ حقُّهُ عظيمٌ، وقدْ أَوْصى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وحثَّ على الرِّفقِ به والتَّعاونِ معه
وفي هذا الحديثِ يُخبرُ أبو هُرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "لا يَمنعنَّ أحدُكم جارَه أنْ يضَعَ خَشبةً على جدارِه"، أي: على الرَّجُلِ ألَّا يَمنعَ جارَهُ من وَضعِ خَشبةٍ فوقَ جِدارِ بيته، وإنْ كانَ الجِدارُ ليسَ من حَقِّ واضعِ الخَشبةِ، ولكنْ من حقِّ الجيرانِ أنْ ينفَعَ بعضُهمْ بَعضًا، دُونَ إِلحاقِ ضررٍ بأيٍّ من الطَّرَفينِ. قال الراوي: "فنَكَس القَومُ"، أي: خفَضَ القومُ رُؤوسَهم كأنَّهم غيرُ راضين عن هذا الكلامِ، فقال لهم أبو هُرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه: "ما لي أراكم عنها مُعْرِضِينَ!"، أي: ما لي أراكُمْ غيرَ راضينَ عنْ هذا الحُكمِ وهذا القَولِ الذي أَمَرَ بهِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ ثمَّ تركتُمْ العَملَ به فيما بَيْنكم، ثم قال: "وَاللهِ لَأرْمِينَّ بها بين أكتافِكُمْ"، أي: لأَرمِينَّ هذه السُّنَّةَ بين أظهُرِكم، أرادَ التغليظَ عليهِمْ رغمَ إِعراضِهمْ عنِ الأَمرِ، بمعنى: لأجْعَلنَّ هذا الحُكمَ واضحًا أمامَ أعينِكُمْ حتى وإِنْ كرِهتُموهُ، أو لئنْ كرِهْتُمْ أن يضَعَ الجارُ الخَشبةَ على جِدارِ جارِهِ، فسوفَ أُلقي هذِهِ الخشبةَ على أكتافِكُمْ لا على الجُدرانِ، وهذا المعنى أَيْضًا للتغليظِ والتَّخويفِ مِن ردِّ أَمرٍ من أوامِرِ النبيِّ الكريمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو رَفضِه
وفي الحديثِ: بيانُ ضَرورةِ إظهارِ الحقِّ للناسِ، وَلوْ كانَ مُرًّا وصعبًا علَيهِم
وفيه: الحثُّ على التعاوُنِ بين المسلمين في المنافع بما لا يضُرُّ أحدَ الطرفين