مسند أبي هريرة رضي الله عنه 548
مسند احمد
حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن رجل، من بني غفار، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لقد أعذر الله إلى عبد أحياه حتى بلغ ستين أو سبعين سنة، لقد أعذر الله إليه، لقد أعذر الله إليه»
عُمرُ الإنسانِ له أجَلٌ مُحَدَّدٌ عندَ اللهِ تعالى، ولا يعلَمُه غيرُه سُبحانَه، ومِن سَعادةِ الإنسانِ طُولُ العُمُرِ وحُسنُ العَمَلِ، ومِن أماراتِ الشَّقاءِ أنْ يَطُولَ العُمُرُ ويَزدادَ نَهَمُ الإنسانِ لِلشَّهَواتِ مع انغِماسِه في المَعاصي
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أَعذَرَ إلى امرئٍ؛ أي: قطَعَ عُذْرَه في ارتكابِ المعاصي، وعلامةُ هذا الإعذارِ أن أطال اللهُ عُمَرَ هذا الإنسانِ، فمَن طال عُمرُه حتَّى بلَغ ستِّين عامًا، لم يَبْقَ له عُذرٌ في اقْترافِ الخَطايا؛ لأنَّه يَجِبُ عليه أنْ يَستعِدَّ للِقاءِ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ لِأنَّه بلَغَ سِنَّ الإنابةِ والرُّجوعِ، وتَرَقُّبِ المَوتِ، وهي مَظِنَّةُ انقِضاءِ الأجَلِ؛ فلا يَنبَغي له حينَئِذٍ إلَّا الاستِغفارُ ولُزومُ الطَّاعاتِ، والإقبالُ على الآخِرةِ. والعاقِلُ هو الذي يجِدُّ ويجتَهِدُ في عُمُرِه ليُرضِيَ اللهَ سُبحانَه ويزرعُ الخيرَ لنَفْسِه في الدُّنيا، ولا يُلهِيه الأمَلُ عن العَمَلِ حتى يباغِتَه الموتُ
وفي الحَديثِ: أنَّ الشَّيخوخةَ نَذيرُ الموتِ والرَّحيلِ عن الدُّنيا؛ ولهذا يَنْبغي لِمَن بلَغ السِّتِّين الاستعدادُ للِقاءِ اللهِ
وفيه: إشارةٌ إلى أنَّ استكمالِ الستِّين مَظِنَّةُ انقضاءِ الأجَلِ