مسند أبي هريرة رضي الله عنه 682

مسند احمد

مسند أبي هريرة رضي الله عنه 682

 حدثنا سويد بن عمرو، حدثنا أبان، حدثنا يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الضيافة ثلاثة أيام، فما كان بعد ذلك، فهو صدقة»

يُرشِدُنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى التَّحَلِّي بالآدابِ والأخْلاقِ الإسلامِيَّةِ، الَّتي تَزيدُ الأُلفةَ والمَوَدَّةَ بيْن المُسلِمينَ

 وفي هذا الحَديثِ يَقولُ أبو شُريحٍ الكَعبيُّ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "مَن كان يُؤمِنُ باللهِ"، أي: المُؤمنُ الحقُّ والَّذي تحقَّقَتْ فيه صِفَةُ الإيمانِ، وظهَرَت عليه علاماتُه، "واليومِ الآخرِ"، أي: يُؤمِنُ بحَقيقةِ يومِ القيامةِ الَّذي فيه الحِسابُ، "فلْيُكرِمْ جارَهُ" بالإحسانِ إليه وعدَمِ إيذائِه، "ومَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ، فلْيُكرِمْ ضَيْفَه جائزَتَهُ"، يعني: أنَّه يَنْبغي على المُسلِمِ أنْ يُكرِمَ ضَيفَه زَمانَ جائزتِه، وهي يومٌ وليلةٌ، "قيل: وما جائزتُه يا رسولَ اللهِ؟ قال: يومٌ وليلةٌ، والضِّيافةُ ثلاثةُ أيَّامٍ، فما كان وراءَ ذلك فهو صَدقةٌ عليه"، يعني: أنَّ حقَّ الضَّيفِ هو ثلاثةُ أيَّامٍ يَتكلَّفُ فيها المُضيفُ لضِيافتِه، فإذا انقضَتِ الأيَّامُ الثَّلاثةُ فإنَّ حَقَّ الضِّيافةِ قدِ انقطَعَ، وهذا الزَّائدُ يُعَدُّ صَدقةً مِنَ المُضيفِ على ضَيفِه وليسَ حقَّ الضِّيافةِ، "ولا يَحِلُّ له أنْ يَثْوِيَ عنده حتَّى يُحرِجَه"، أي: لا يَحِقُّ للضَّيفِ أنْ يَزِيدَ بقاؤُه على ثلاثةِ أيَّامٍ عندَ المُضيفِ؛ حتَّى لا يُوقِعَه في الحرَجِ والضِّيقِ، ثُمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ، فَلْيقُلْ خيرًا أو لِيصْمُتْ"، يعني: أنَّ المرْءَ إذا أراد أنْ يَتكلَّمَ، فَلْيَتفكَّرْ قَبلَ كلامِه؛ فإنْ علِمَ أنَّه لا يَترتَّبُ عليه مَفسدةٌ ولا يجُرُّ إلى مُحرَّمٍ ولا مَكروهٍ، فَلْيتكلَّمْ، وإنْ كان مُباحًا فَالسَّلامةُ في السُّكوتِ؛ لِئلَّا يجُرَّ المُباحُ إلى مُحرَّمٍ أو مَكروهٍ