مسند أبي هريرة رضي الله عنه 722
مسند احمد
حدثنا يزيد، أخبرنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة: «من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن»
في هذا الحديثِ أنَّه لَمَّا كان عامُ الفَتْحِ وزَّعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الأعمالَ والمهامَّ على أصحابِه رِضوانُ اللهِ عليهم اسْتِعدادًا لدُخولِ مكَّةَ، "سرَّحَ"، أي: جَعَلَ "الزُّبيرَ بنَ العوَّامِ وأبا عُبيدةَ بنَ الجرَّاحِ وخالدَ بنَ الوليدِ" رِضوانُ اللهِ عليهم "على الخيلِ"، أي: قادةً على الفُرْسانِ، "وقال: يا أبا هريرةَ، اهْتِفْ بالأنصارِ"، أي: نادِ فيهم وأَخْبِرْهم أن يَسْلُكوا هذا الطَّريقَ "فلا يُشْرِفَنَّ"، أي: يَظْهَرَنَّ، "لكم أَحدٌ إلَّا أنَمْتُموه"، أي: قَتَلتُموه، والمرادُ بالطَّريقِ: طريقٌ أعلى مكَّةَ، والمرادُ بمَن يَظهَرُ لهم: قُريشٌ ومَنْ معها ممَّن أرادوا القِتالَ واسْتَعدُّوا له، "فنادى مُنادٍ: لا قُريشَ بَعْدَ اليومِ"؛ إشارةً إلى الإثخانِ فيهم، وتَمكُّنِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه منهم
ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أَهْلِ مكَّةَ: "مَنْ دَخَل دارًا فهو آمِنٌ"، أي: آمِنٌ مِنَ القتالِ، "ومَنْ ألقى السَّلاحَ فهو آمنٌ"، أي: ومَنْ كان يَسْتَعِدُّ لقِتالٍ وألقى سلاحَه فهو آمِنٌ، "وعَمَدَ"، أي: قَصَدَ واتَّجَه "صناديدُ قريشٍ"، أي: كِبارُهم وزُعماؤهم "فدَخلوا الكَعْبةَ، فغَصَّ بهم"، أي: امْتَلأتِ الكعبةُ حتَّى ازْدحمَتْ بهم، "وطاف النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، أي: بالبيتِ وهم بداخلِه، "وصلَّى خَلْفَ المقامِ"، أي: مَقامِ إبراهيمَ بَعْدَ أنْ طاف، "ثمَّ أخَذ بِجَنَبَتَيِ البابِ"، أي: جانِبَي بابِ الكَعْبةِ، فخَرَج منها زُعماءُ قريشٍ، فبايَعوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الإسلامِ
وفي الحديثِ: بيانُ ما كانَ عندَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن رِفقٍ ورحمةٍ، ومِن تَعظيمٍ للبيتِ الحرامِ؛ حيثُ إنَّه لم يُؤثِر المقاتلةَ