مسند أبي هريرة رضي الله عنه 741
مسند احمد
حدثنا يزيد، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يدخل فقراء المؤمنين الجنة قبل أغنيائهم بخمس مائة عام»
الفَقرُ من الأُمورِ التي يهرُبُ منها الإنسانُ في الدُّنيا، ورَغمَ ذلك فإنَّ مَن صَبَرَ على الفَقرِ واحتسَبَ؛ فإنَّ فيه خيرًا كبيرًا للمُسلِمِ في الآخِرةِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "يا مَعشَرَ الفُقراءِ، ألَا أُبشِّرُكم؟ إنَّ فُقراءَ المُؤمِنينَ يدخُلون الجَنَّةَ قبلَ أغنيائِهِم بنِصفِ يومٍ: خَمسِمِئَةِ عامٍ"، أي: يدخُلون الجَنَّةَ قبلَ الأغنياءِ بوقتٍ طَويلٍ؛ ولعلَّ ذلك ليُسرِ حِسابِ الفقراءِ؛ لقِلَّة ما كان عِندَهم في الدُّنيا، أمَّا الأغنياءُ فيَطولُ حِسابُهم على ما كان عِندَهم من متاعِ الدُّنيا، وهذا يَعني البُشرى للفُقراءِ بسُرعةِ دُخولِ الجَنَّةِ، وحَثٌّ للأغنياءِ على الاستِعْدادِ لذلك الموقِفِ بتَطييبِ مَكاسبِهم، وتحديدُ الوقتِ بأنَّه نِصفُ يومٍ مِن أيَّامِ يومِ القيامةِ، أي: خَمسُ مِئَةِ عامٍ مِن أعوامِ الدُّنيا كما في قولِهِ تعالى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47]
وفي رِوايةِ أحمدَ من حديثِ ابنِ عَمرٍو رضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ فُقراءَ المُهاجِرينَ الذين يَسبِقون الأغنياءَ يومَ القِيامَةِ بأربعينَ خَريفًا"، ويُجمَعُ بأنَّ هذا السَّبقَ يَختلِفُ بحسَبِ أحْوالِ الفُقراءِ والأغنياءِ، فمنهم مَن يَسبِقُ بأربعين عامًا، ومنهم مَن يَسبِقُ بخَمسِ مِئَةِ سَنَةٍ، ولكن لا يَلزَمُ مِن سَبقِهم في الدُّخولِ ارتفاعُ مَنازِلِهم، بل قد يكونُ المُتأخِّرُ أعْلى منزِلَةً، وإنْ سَبَقَه غيرُه في الدُّخولِ، فالمزِيَّةُ مزِيَّتانِ: مَزيَّةُ سَبْقٍ، ومَزيَّةُ رِفعَةٍ، قد تَجتَمِعانِ وقد تَنفَرِدانِ
وفي الحَديثِ: مُواساةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للفُقراءِ