حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد، عن محمد بن زياد، وعفان، حدثنا حماد، أخبرنا محمد بن زياد، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: «عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل»
تَفضَّلَ اللهُ سُبحانَه على عِبادِه بالرَّحمةِ والعَطاءِ، وقدْ تكَفَّلَ لِمَن دَخَلَ في دِينِ الإسلامِ، وأخلَصَ في إيمانِه، وأطاعَ رَبَّه؛ بأنْ يُدخِلَه الجَنَّةَ، ومِن العَجيبِ أنَّ مِنَ النَّاسِ مَن يَرفُضُ الإسلامَ، وقدْ يَدخُلُ فيه اضطِرارًا، ولكِنَّه بعْدَ ذلك يَحسُنُ إسلامُه، فيَنالُ الرِّضا مِنَ اللهِ، ويَدخُلُ جَنَّتَه في الآخِرةِ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّ اللهَ يَعجَبُ مِن قَومٍ يَدخُلونَ الجَنَّةَ في السَّلاسِلِ، ومَعناه: أنَّ هؤلاء القَومَ أُسِروا وقُيِّدوا، فلَمَّا عَرَفوا صِحَّةَ الإسلامِ دَخَلوا طَوعًا فيه، فكان ذلك سَبَبًا في دُخولِهمُ الجَنَّةَ، وقيلَ: المَعنى: يُقادونَ إلى الإسلامِ مُكرَهينَ، فيَكونُ ذلك سَبَبَ دُخولِهمُ الجَنَّةَ، وقيلَ: يُحتَمَلُ أنْ يَكونَ المُرادُ المُسلِمينَ المأْسورينَ عِندَ أهلِ الكُفرِ، يَموتونَ على ذلك، أو يُقتَلونَ فيُحشَرونَ كذلك، وعَبَّرَ عنِ الحَشرِ بدُخولِ الجَنَّةِ؛ لِثُبوتِ دُخولِهم عَقِبَه
وفي الحَديثِ: إثباتُ صِفةِ العَجَبِ للهِ سُبحانَه وتَعالى، وهو عَجَبٌ يَليقُ به سُبحانَه، ونُثبِتُه له كما أثبَتَه له نَبيُّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بلا تَحريفٍ أو تَكييفٍ، أو تَشبيهٍ أو تَعطيلٍ