حدثنا أبو كامل، حدثنا حماد، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ابنا العاص مؤمنان: عمرو وهشام "
أصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هم حَمَلةُ هذا الدِّينِ، وبهم قامتِ الدَّعوَةُ، فأثْنى عليهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَظيمِ الشَّرَفِ، وشَهِدَ بإيمانِهم وفَضلِهم وخَصَّ بعضَهم بذِكرِ صِفاتِهم الطيِّبَةِ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ابنا العاصِ مُؤمِنانِ"، وهو العاصُ بنُ وائلٍ السَّهْميُّ، وابناه المَقصودانِ هما: عَمرُو بنُ العاصِ، وهو من فُرسانِ الإسلامِ المَشهودِ لهم بالخَيرِ والبَذْلِ والعَطاءِ والتَّضحيَةِ، وهو داهيةُ قُرَيشٍ، ومَن يُضرَبُ به المَثَلُ في الفِطنَةِ، والدَّهاءِ، والحَزْمِ، وقد أسلَمَ في أوائِلِ سَنَةِ ثَمانٍ مع خالدِ بنِ الوليدِ، ومناقِبُه كَثيرةٌ، وقد استعمَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على عُمَانَ، ومات النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو عليها، وكان أحدَ أُمراءِ الأجنادِ في فُتوحِ الشَّامِ، وافتَتَحَ مِصرَ في عَهدِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ، وعَمِلَ عليها له، ولعُثمانَ، ثم عَمِلَ عليها زَمَنَ مُعاويةَ، منذ غَلِبَ عليها مُعاويةُ إلى أنْ مات عَمرٌو، وخلَّف أموالًا عظيمةً إلى الغايةِ، مات سَنَةَ (42) وقيل: سَنَةَ (43ه). وأمَّا أخوه فهو هِشامُ بنُ العاصِ، وقد كان أسبَقَ إسلامًا من أخيه، ورَأى في سَبيلِ ذلك في مكَّةَ قَديمًا الكثيرَ من الأذى حتى إنَّ أهلَه حَبَسوه حتى لا يَلحَقَ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد استُشهِدَ هِشامٌ بأجنادينَ سَنَةَ 13 ه؛ فدَلَّ الحَديثُ على فَضيلةٍ عَظيمةٍ ومَنقَبةٍ واضحةٍ لعَمرٍو وهِشامٍ ابْنَيِ العاصِ حيثُ شَهِدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لهما بالإيمانِ، وهَنيئًا لمَن شَهِدَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالإيمانِ، والشَّهادَةُ لهما بالإيمانِ تُفيدُ أنَّهما أسلَمَا طَوعًا للهِ تَعالى من غَيرِ إكراهٍ