حدثنا أبو قطن، وإسماعيل بن عمر، قالا: حدثنا يونس، عن مجاهد أبي الحجاج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل يباهي الملائكة بأهل عرفات، يقول: انظروا إلى عبادي شعثا غبرا "
فَضَّلَ اللهُ بعضَ الأيَّامِ عَلى بعضٍ، وَمِن تِلكَ الأيَّامِ الفاضلَةِ يَومُ عَرفةَ؛ فلَهُ فَضائلُ كثيرةٌ
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ اللهَ يُباهي بأهْلِ عَرَفاتٍ"، والمُرادُ بهم الحُجَّاجُ الذين وَقَفوا بعَرَفَةَ، وهو يوْمُ التاسِعِ من ذي الحِجَّةِ والوقوفُ بعَرفةَ ركنٌ مِن أركانِ الحج ولا يصحُّ حَجُّ مَن لم يقِفْ به، "ملائِكَةَ السَّماءِ"، أي: يُفاخِرُ بهم، ويُظهِرُ فَضْلَهُم للمَلائِكَةِ ويُريهِم حُسْنَ عَملِهِم، ويُثني عَليهم عِندَهُم، وأَصْلُ البَهاءِ الحُسْنُ والجَمالُ، "فيقولُ: اُنْظُروا إلى عِبادي هؤلاءِ" يعني: اُنْظُروا إلى طاعَتِهِم، وتَحمُّلِهِم التَّعَبَ والمَشَاقَّ في سَبيلي، "جاؤُوني شُعْثًا غُبْرًا" والشُّعثُ: جمْعُ أَشْعَثَ، وهو مُتفرِّقُ شَعْرِ الرأْسِ منْ عَدَمِ غَسْلِ الرأْسِ، كما هو عادَةُ المُحْرِمينَ. والغُبْرُ: جمْعُ أَغْبَرَ، وهو الذي الْتَصَقَ الغُبارُ بأعْضائِهِ، وكأنَّ هذا -واللهُ أعلمُ- تَذْكيرٌ للملائِكَةِ بقوْلِ: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا } [البقرة: 30]، وإظهارٌ لتَحْقيقِ قولِه تعالَى: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30]