مسند أبي هريرة رضي الله عنه 838

مسند احمد

مسند أبي هريرة رضي الله عنه 838

حدثنا هاشم، حدثنا ليث، حدثني سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها ولا فرسن شاة»

لا يَفعَلُ العبدُ المسلمُ حَسنةً أو مَعروفًا، إلَّا جازاهُ اللهُ به ولو كان يَسيرًا؛
 قال تَعالى: {فَمَنَ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7]
وفي هذا الحديثِ يُخاطِبُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النِّساءَ ويَأمُرُهُنَّ ألَّا يَحتقِرْنَ أيَّ شَيءٍ تُهدِيه إحداهُنَّ لجارتِها، ولو كان المُهدى فِرْسِنَ شاةٍ، وهو ظِلْفُ الشَّاةِ كالحافرِ مِن الفرَسِ، وقيل: هو عَظْمٌ قَليلُ اللَّحْمِ، والمقصودُ: المبالَغةُ في الحثِّ على الإهداءِ ولو كان شَيئًا يَسيرًا، ومعْناه: لا تَمتنِعْ جارةٌ مِن الصَّدَقةِ والهَدَيَّةِ لِجارتِها؛ لاستقلالِها واحتقارِها الموجودَ عندها، بلْ يَنْبغي أنْ تَجودَ بما تَيسَّرَ ولو كان قليلًا، كفِرْسِنِ شاةٍ، وهو خَيرٌ مِن العدَمِ، وإذا تَواصَلَ القليلُ صار كَثيرًا؛ فإنَّ التَّهادِيَ ولو بالقليلِ جالبٌ للمَحبَّةِ والمودَّةِ، ومُذهِبٌ للضَّغائنِ، وأيضًا فإنَّ الهَديَّةَ إذا كانت يَسيرةً فهي أدلُّ على المودَّةِ، وأخفُّ في المؤنةِ بالنِّسبةِ للمُهْدي، وأسهَلُ على المُهْدى؛ لعدَمِ التَّكليفِ. وخَصَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النِّساءَ بالخِطابِ؛ لأنَّهنَّ يَغلِبُ عليهنَّ استصغارُ الشَّيءِ اليَسيرِ، والتَّباهي بالكثرةِ، وأشباهُ ذلك
وفي الحديثِ: التَّرغيبُ في الهَدايا إلى الجِيرانِ