حدثنا يزيد، أخبرنا شعبة، ومحمد بن جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدث، عن أنس بن مالك، أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أهل الكتاب يسلمون علينا، فكيف نرد عليهم؟ قال: " قولوا: وعليكم "
من مَحاسِنِ الأخلاقِ التي جاءَت بها الشَّريعةُ إفشاءُ السَّلامِ على مَن تَعرِفُ ومَن لم تَعرِفْ؛ ولهذا لمَّا سُئِل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أيُّ الإسلامِ خَيرٌ؟ ذَكَرَ من ذلك: وتَقرَأُ السَّلامَ على مَن عَرَفتَ ومَن لم تَعرِفْ، ولَكِنَّ هذا السَّلامَ مُختَصٌّ بالمُؤمِنينَ، فلا يُسَلَّمُ على الكُفَّارِ ابتِداءً، وإذا سَلَّمَ الكافِرُ على المُسلمِ فإنَّه يَرُدُّ عليه بقَولِه: وعليكُم، فبَينَما كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قاعِدًا في أصحابِه إذ مَرَّ بهم يَهوديٌّ فسَلَّمَ، فرَدَّ عليه الصَّحابةُ، فلَمَّا مَضى، أي: ذَهَبَ، دَعاه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال له: كَيف قُلتَ؟ أي: كَيف كان سَلامُك. فقال اليَهوديُّ: قُلت: سامٌ عليكُم، أي: أنَّه لَم يَقُلْ: السَّلامُ عليكُم، وإنَّما دَعا بالسَّامِ وهو المَوتُ! فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إذا سَلَّمَ عليكُم أحَدٌ مِن أهلِ الكِتابِ، أي: اليَهودِ والنَّصارى.
فقولوا: وعليكُم، أي: ما قُلتُم، أي: عليكُمُ السَّامُ الذي قُلتُموه.
وفي الحَديثِ بَيانُ كَيفيَّةِ سَلامِ اليَهودِ على المُسلمينَ.
وفيه بَيانُ كَيفيَّةِ الرَّدِّ على أهلِ الكِتابِ إذا سَلَّموا على المُسلِمينَ.