مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1372
مسند احمد
حدثنا عبد الوهاب، أخبرنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك: " أن نبي الله صلى الله عليه وسلم، وزيد بن ثابت تسحرا فلما فرغا من سحورهما، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة "، فقلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: " قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية " (1)
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا على السُّحورِ، وكان مِن هَدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَأخيرُ طَعامِ السُّحورِ إلى ما قبْلَ الفَجرِ بقَليلٍ. وفي هذا الحديثِ يَذكُرُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَسحَّرَ مع زَيدِ بنِ ثابتٍ رَضيَ اللهُ عنه، والسُّحُورُ بالضَّمِّ: هو تَناوُلُ الطَّعامِ قبْلَ دُخولِ الفَجْرِ لمَنْ نَوى الصِّيامَ، والسَّحورُ بالفتحِ: هو الطَّعامُ نفْسُه، وبعْدَ فَراغِهما مِن السَّحورِ قامَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى صَلاةِ الصُّبحِ، فصَلَّاها، وهذا يدُلُّ على تَأخيرِ السُّحورِ إلى قُبَيلِ صَلاةِ الفَجرِ مُباشَرةً. وقدْ سَأَلَ الحاضِرون أنسَ بنَ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه عن الوَقتِ بيْنَ سُحورِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وصَلاةِ الفَجرِ، فأجابَهُم أنَّه كان قَدْرَ قِراءةِ خَمسينَ آيةً مُتوسِّطةً؛ لا طَويلةً ولا قَصيرةً، لا سَريعةً ولا بَطيئةً.
وفي الحديثِ: حُسْنُ عِشرةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصحابِه؛ حيثُ كان يَأكُلُ معهم.
وفيه: فضْلُ تَأخيرِ السُّحورِ إلى قَريبٍ مِن الفَجرِ.
وفيه: الاجتِماعُ على السُّحورِ.
وفيه: إشارةٌ إلى أنَّ أوقاتَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم كانتْ مُستغرَقةً بالعِبادةِ.
وفيه: تَقديرُ الوَقتِ بقَدْرِ قِراءةِ الآياتِ وأَعمالِ الأبدانِ.