مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه155
مسند احمد
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا ابن عون، أخبرنا أنس بن سيرين، عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود، عن أنس بن مالك قال: " صنع بعض عمومتي للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما "، فقال: يا رسول الله، إني أحب أن تأكل في بيتي، وتصلي فيه، قال: " فأتاه وفي البيت فحل من تلك الفحول، فأمر بجانب منه فكنس ورش، فصلى وصلينا معه
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَسَنَ العِشرةِ لِأصحابِه، يَتزاوَرُ معهم ويُجيبُ دَعوَتَهم. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه: "صَنَعَ بَعضُ عُمومَتي لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَعامًا" وهمُ الأقارِبُ مِن جِهةِ الأبِ، وظاهِرُه أنَّه وَجَّهَ دَعوةً لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أُحِبُّ أنْ تَأكُلَ في بَيتي، وتُصلِّيَ فيه"، أرادَ بهذا الطَّعامِ أنْ يَتبَرَّكَ بحُضورِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى بَيتِه وأكْلِ طَعامِه والصَّلاةِ فيه، قالَ أنَسٌ رَضيَ اللهُ عنه: "فأتاه" مُلَبِّيًا دَعوَتَه "وفي البَيتِ فَحلٌ مِن تلك الفُحولِ" وهو الحَصيرُ المُتَّخَذُ مِن سَعفٍ وجَريدِ ذَكَرِ النَّخْلِ، "فأمَرَ بجانِبٍ منه" يُحتَمَلُ في الضَّميرِ أنَّه يَعودُ على البَيتِ، ويُحتَمَلُ على الحَصيرِ، "فكُنِسَ ورُشَّ" بالماءِ، والمُرادُ: تَمَّ إنقاؤُه وتَنظيفُه، وتَهيئَتُه لِلصَّلاةِ عليه "فصَلَّى وصَلَّيْنا معه"، فصَلَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهم إمامًا؛ نُزولًا على رَغبةِ الدَّاعي، وهذا مِن تَواضُعِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ اتِّخاذِ الطَّعامِ لِأُولي الفَضلِ؛ لِيَستَفيدَ مِن عِلْمِهم. وفيه: مَشروعيةُ الصَّلاةِ على الحَصيرِ مِن غَيرِ كَراهةٍ..