‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1595

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1595

حدثنا أسود بن عامر، وعفان، قالا: حدثنا أبان، عن قتادة، عن أنس، قال أسود: حدثنا أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " راصو صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفس محمد بيده إني لأرى الشياطين تدخل من خلل الصف كأنها الحذف "، وقال عفان: إني لأرى الشيطان يدخل (1)

 أعمالُ الجَوارحِ دَليلٌ على ما في القَلبِ؛ فإذا اختلفَتِ الصُّفوفُ دلَّ ذلك على اختِلافِ القلوبِ.

وفي هذا الحَديثِ يَحُثُّنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على تَسْويةِ الصُّفوفِ في صَلاةِ الجَماعَةِ، فيقولُ: "سَوُوا صُفوفَكُمْ"، أي: اجْعَلوها مُعْتَدِلَةً مُتَراصَّةً على هَيئةٍ واحدةٍ لا اعْوِجاجَ فيها، "وحاذوا بين مَناكِبِكم" جمْع مَنْكِب: وهو مُلْتَقَى عَظْمِ العَضُدِ مع الكَتِفِ، والمعنى: اجْعَلوها مُتَساوِيَةً مع بَعضِها البعضِ، "ولِينُوا في أَيْدِي إخْوانِكُم"، أي: لِينوا بيَدِ مَنْ أرادَ أنْ يَضْبِطَ بكُم الصَّفَّ ويُسوِّيَه؛ فلا يتَشدَّدْ معه أو يَمْنعْهُ أَحَدٌ نَفْسَهُ أنْ يُسوِّيَ له الصَّفَّ، "وسُدُّوا الخَلَلَ"، أي: سُدُّوا أيَّ فَتْحةٍ ومَسافةٍ بين المُصلِّينَ بأنْ يُلْصِقَ كُلُّ واحدٍ مَنْكِبَه بمَنْكِبِ أخيه في الصَّلاةِ في غيرِ شِدَّةٍ؛ "فإنَّ الشَّيْطانَ يَدْخُلُ فيما بيْنكم، بِمَنْزِلَةِ الحَذَفِ -يعني أوْلادَ الضَّأْنِ الصِّغارَ-"، أي: إنَّ عدمَ تَسْويةِ الصُّفوفِ يَجْعلُ الشَّياطينَ تَدْخُلُ بين المسلمين؛ فتُوَسْوِسُ لهم وتُشَوِّشُ عليهم صَلاتَهُم. والحَذَفُ كما فُسِّرَ في الحديثِ: غَنَمٌ سُودٌ صِغارٌ، والمراد: أنَّ الشَّياطينَ تَدْخُلُ بين الصُّفوفِ على صُورَتِها؛ فمِن الخَطأِ تَرْكُ المصلِّينَ فُرجةً بينهم بحُجَّةِ عدَمِ التَّضييقِ على الآخَرِينَ، وتَضايقُهم إذا حاوَلَ أحدُ المصلِّين التراصَّ في الصفِّ.