مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1705
مسند احمد
حدثنا عفان، حدثنا حماد، أخبرنا حميد، وثابت، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يهادى بين ابنين له، فقال: " ما هذا؟ " فقالوا: يا رسول الله، نذر أن يحج ماشيا، فقال: " إن الله لغني عن تعذيبه نفسه، فليركب "
الإسلامُ دِينُ اليُسْرِ والسَّماحةِ، وقد أخبَرَ اللهُ بذلك في القُرآنِ، وعلَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ العِبادةَ لا يُشترَطُ فيها المشقَّةُ على النَّفْسِ، بلْ يأتي الإنسانُ بقَدْرِ استطاعتِه.
وفي هذا الحديثِ: "بيْنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ"، أي: الجُمعةَ في المسجِدِ، "إذا هو برجلٍ قائمٍ"، أي: وجَدَ بنَظرِه رجلًا واقفًا في الشَّمسِ، "فسأَلَ عنه"، أي: عن شَخصِه، وعن سَببِ وَقفَتِه تلك، "فقالوا: أبو إسرائيلَ"، وهو رجلٌ مِن قُريشٍ مِن بني عامرِ بنِ لُؤيٍّ، "نذَرَ أنْ يقومَ ولا يَقعُدَ، ولا يَستظِلَّ، ولا يتكلَّمَ، ويصومَ"، أي: أنَّ سببَ وَقْفتِه نذرٌ جعَلَه على نفْسِه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مُرْهُ فلْيتكلَّمْ، ولْيستظِلَّ" مِن حَرِّ الشَّمسِ، "ولْيَقعُدْ"، أي: يَترُكْ قِيامَه، "ولْيُتِمَّ صومَه"، الذي نذَرَه، فقد أمَرَه صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بالطَّاعةِ واليُسْرِ، وهو إتمامُ صَومِه، وأسقَطَ عنه المشقَّةَ في المباحِ، وهو عدَمُ الكلامِ، والاستظلالُ، والقعودُ، فالنَّذرُ لا يصِحُّ إلَّا فيما فيه قُربةٌ, وما لا قُربةَ فيه فنَذْرُه لَغْوٌ لا عِبرةَ به.
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ الدِّينَ مَبناهُ على اليُسْرِ وعدَمِ المشقَّةِ.
وفيه: أنَّ النَّذرَ لا يقَعُ إلَّا في الطَّاعاتِ.
.