‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1768

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1768

حدثنا عفان، حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس، " أن رجلا كان يتهم بامرأة، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا ليقتله، فوجده في ركية يتبرد فيها، فقال له: ناولني يدك، فناوله يده، (2) فإذا هو مجبوب ليس له ذكر، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: والله يا رسول الله إنه لمجبوب، ما له من ذكر "

لا يَنبَغِي للمُسلِمِ أنْ يَقِفَ مَواقفَ التُّهَمِ؛ حتَّى لا يُؤخَذَ بِها.
وفي هذا الحديثِ يَحكي أَنَسٌ رضِي اللهُ عنه أنَّ رَجلًا كانَ يُتَّهَمُ بأُمِّ وَلدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهِيَ ماريَةُ القِبطيَّةُ، وكانَ هَذا الرَّجلُ يَدخُلُ عَليها مِن غَيرِ إِذنِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لعِلْمِه بحالِ نَفسِه أنَّه مَجْبوبٌ، ولا يَكفي أنْ يَكونَ المرْءُ بَريئًا عِندَ نَفسِه حتَّى يَكونَ بَريئًا عِندَ النَّاسِ بَعيدًا عَنِ التُّهَمِ.
فَقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِعليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه: اذْهبْ فاضْرِبْ عُنقَه، أيِ: اقْتُلْه، فذَهَبَ إليه عَليٌّ فَلمَّا أَتاه رَآه في رَكِيٍّ، أي: يَغتَسِلُ في بِئرٍ يَتَبَرَّدُ فيها، فأَمَرَه أن يَخرُجَ، فنَاولَه الرَّجلُ يَدَه فأَخرَجَه عَليٌّ مِنَ البِئرِ، فإذا هُو مَجبوبٌ، أي: مَقطوعُ الذَّكَرِ، ليس له ذَكَرٌ، فكَفَّ عَنه عليٌّ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَمَرَ عليًّا رَضِيَ اللهُ عنه بقَتْلِه تَعزيرًا لإِقدامِه وجُرأَتِه عَلى خَلوَتِه بأُمِّ وَلَدِه، فلَمَّا تَبيَّن لعليٍّ حَقيقَةُ الحالِ، وأَنَّه بَريءٌ مِنَ الرِّيبةِ، كَفَّ عن قَتلِه، واستَغْنَى عنِ القَتلِ بتَبْيِينِ الحالِ، والتَّعزيرُ بالقَتلِ لَيسَ بِلازمٍ كالحدِّ، بَل هُو تابعٌ لِلمَصلحةِ دائرٌ مَعها وُجودًا وعَدمًا.