مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه177
مسند احمد
حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا شعبة، حدثني أبو التياح، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " البركة في نواصي الخيل "
الجِهادُ في سَبيلِ اللهِ هو ذِرْوةُ سَنامِ الإسلامِ، وفيه تُبذَلُ الأمْوالُ والأنْفُسُ في سَبيلِ الله، لكِنَّ أجْرَهُ عظيمٌ، وقدْ جعَل اللهُ الخَيلَ رَمزًا للعَتادِ والقُوَّةِ في الحُروبِ والجِهادِ، والَّذي إذا أعَدَّه صاحِبُه لمِثلِ هذا المَقامِ، نال به الخَيرَ الكثيرَ في الدُّنيا والآخِرةِ.
وفي هذا الحديثِ ان رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ «يَلْوِي» أي: يُدِيرُ ويَفتِلُ «نَاصِيَةَ فَرَسٍ بإِصْبَعِهِ»، والنَّاصيةُ هي الشَّعْرَ المُستَرْسِلُ على الجَبْهَةِ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «الخَيْلُ» الَّتي أُعِدَّت للجِهادِ والغَزْوِ في سَبيلِ اللهِ «مَعقُودٌ بِنَواصِيها» أي: مُلازِمٌ ومَربوطٌ في شَعرِها الخيرُ، وهذا الخيرُ غيرُ مُنقطِعٍ بزَمانِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أو بأيِّ زَمانٍ بعْدَه، فهو باقٍ معها لمَن كان في رِعايتِها وخِدمتِها والمُحاربةِ عليها إلى يوْمِ القيامةِ، وقدْ فَسَّر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا الخيرَ في الحديثِ «بالأَجْر» وهو الثَّوابُ مِنَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ في الآخِرةِ لصاحبِها والمجاهِدِ عليها، «والغَنِيمَةُ» الَّتي يَتحصَّلُ عليها في الدُّنيا، وهي كلُّ ما أخَذَه المُسلِمونَ مِن أموالِ الكفَّارِ على وَجْهِ الغَلَبةِ والقَهْرِ، وإنَّما اختَصَّ ذِكرَ الخيلِ بالغَنيمةِ؛ لأنَّه سَببٌ فيها، وأيضًا عندَ تَوزيعِ أسهُمِ الغنيمةِ على المحاربينَ يكونُ سَهمُ المحارِبِ الَّذي يَركَبُ الخيلَ ثَلاثةَ أسهُمٍ، ويكونُ سَهمُ الرَّاجلِ –وهو الَّذي يُحارِبُ على رِجليهِ- سَهمٌ واحدٌ مِن الغنيمةِ.
وفي الحديثِ: التَّرغيبُ في اتِّخاذِ الخَيْلِ للجِهادِ.
وفيه: خِدْمَةُ الرَّجلِ فَرَسَه المُعَدَّة للجِهادِ.
وفيه: أنَّ الجِهادَ لا يَنقطِع أبدًا في أُمَّةِ الإسلامِ إلى يومِ القيامةِ..