مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه244
مسند احمد
حدثنا وكيع، حدثني أبو خزيمة، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، المنان بديع السموات والأرض، ذا الجلال والإكرام. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد سألت الله باسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى " (1)
الدُّعاءُ مِنَ العِباداتِ العَظيمةِ التي يُناجي فيها العَبدُ رَبَّه، ويَسألُه مِن فَضلِه الواسِعِ، فعلى العَبدِ أن يُكثِرَ مِن دُعاءِ اللهِ تعالى؛ فقد حَثَّ اللهُ تعالى ورَغَّبَ في دُعائِه وتَكَفَّلَ بإجابةِ الدُّعاءِ، فقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، لا سيَّما إذا تَوسَّلَ الدَّاعي في دُعائِه وسَألَ اللَّهَ تعالى بأسمائِه الحُسنى كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180]، وأعظَمُ الدُّعاءِ بالأسماءِ الحُسنى الدُّعاءُ باسمِ اللهِ الأعظَمِ؛ فقد جاءَ في الحَديثِ أنَّه إذا دَعا العَبدُ باسمِ اللهِ الأعظَمِ أجابَ اللَّهُ دُعاءَه، وفي هذا الحَديثِ بَيانُ ما اسمُ اللهِ الأعظَمُ؛ فقد سَمِعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلًا يَقولُ في دُعائِه: اللَّهُمَّ إنِّي أسألُك، أي: أطلُبُ وأتَوسَّلُ لَك، بأنَّ لَك الحَمدَ، لا إلَهَ إلَّا أنتَ وَحدَك لا شَريكَ لَك، المَنَّانُ، أي: كَثيرُ العَطاءِ لخَلقِك، بَديعُ السَّمَواتِ والأرضِ، أي: خالِقُهما ومُنشِئُهما مِنَ العَدَمِ بلا مِثالٍ سابقٍ، ذو الجَلالِ والإكرامِ، أي: أنتَ صاحِبُ العَظَمةِ والسُّلطانِ والإنعامِ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: لَقد سَألَ اللَّهَ باسمِه الأعظَمِ، أي: أنَّ هذا الرَّجُلَ قد دَعا اللَّهَ تعالى باسمِه الأعظَمِ، وإن كانت أسماؤُه تعالى عَظيمةً كُلُّها شَريفةً جَليلةً، ولَكِن خُصَّ بَعضُها بالأعظَميَّةِ؛ إمَّا لشَرَفِ مَعناه، أو ما يَدُلُّ عليه، أو لأمرٍ استَأثَرَ اللَّهُ تعالى بعِلمِه، الذي إذا سُئِلَ به سُبحانَه أعطى، وإذا دُعيَ به أجابَ، أي: أنَّ هذا الاسمَ يَختَصُّ بسُرعةِ الإجابةِ لِمَن تَوسَّل إلى اللهِ تعالى به، وهو مَذكورٌ في هذا الدُّعاءِ، لَكِنَّه لَم يُحَدِّدْ أيُّ اسمٍ هو مِن هذه الأسماءِ التي ذُكِرَت. وقدِ اختُلِف في تَحديدِ ما اسمُ اللهِ الأعظَمُ، على أقوالٍ كَثيرةٍ.
وفي الحَديثِ إثباتُ أنَّ للَّه اسمًا أعظَمَ.
وفيه أنَّ اللَّهَ تعالى يُجيبُ الدُّعاءَ بالاسمِ الأعظَمِ.
وفيه فضلُ الدُّعاءِ والتَّوسُّلِ إلى اللهِ تعالى باسمِه الأعظَم.