مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه272
حدثنا يزيد، أخبرنا حماد بن سلمة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: " من قتل رجلا فله سلبه ". فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا فأخذ أسلابهم (1)
أَحَلَّ اللهُ لأُمَّةِ الإسْلامِ الطَّيِّباتِ، وحَرَّمَ عليها الخبائِثَ، ووَسَّعَ عليها في كَثيرٍ من الْأُمورِ الَّتي كان مُضيَّقةً على الأُمَمِ قبْلَهم، ومن ذلك: أنَّ اللهَ أَحَلَّ للمُسلِمينَ غنائِمَ الحَرْبِ، وهذا مِن خَصائِصِ هذه الأُمَّةِ بحِلِّ الغَنيمةِ؛ تَوْسِعَةً عليهم، وكان ابتداءُ ذلك من غَزْوَةِ بَدْرٍ، وفيها نَزَلَ قوْلُه تَعالَى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 69]، وكانَتْ من قبلُ تُجمَعُ وتُحرَقُ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يوْمَ حُنَيْنٍ"، أي: في غَزْوَةِ حُنينٍ، وحُنَينٌ وادٍ بين مَكَّةَ والطائِفِ، وَقَعَتْ فيه الغزوةُ المشهورةُ في الخامسِ مِن شوَّالٍ سَنَةَ ثمانٍ مِن الهِجْرَةِ، عامَ فتْحِ مَكَّةَ، وكانتْ مع قَبيلةِ هَوازِنَ: "مَنْ قَتَلَ قَتيلًا"، أي: مَنْ قَتَلَ كافِرًا في ساحةِ المعركةِ، "فله سَلَبُه" وهو ما على المقتولِ مِن سِلاحٍ، فله مَتاعُهُ وكُلُّ مُتعلَّقاتِهِ الَّتي معَه، قال أنسٌ رضِيَ اللهُ عنه: "فقَتَلَ يومَئذٍ أبو طَلْحَةَ"، أي: في تلك الغَزْوَةِ، وكان أبو طَلْحَةَ زَوجَ أُمِّ سُليمٍ، وهي أمُّ أنسِ بنِ مالكٍ، "عِشْرينَ رَجُلًا، وأَخَذَ أَسْلابَهُم" وهذا يدلُّ على أنَّه لا حَدَّ للسَّلَبِ، وقد اختُلِفَ في هذا السَّلَبِ؛ هل يَكونُ قبلَ الخُمسِ، أو معَ الخُمسِ، أو غيرَ ذلك؛ فقيل: إنَّه مِن أصْلِ الغَنيمةِ غيرُ مُخمَّسٍ، وقيل: إنْ شَرَطَ الإمامُ السَّلَبَ للقاتِلِ، فهو له، وإلَّا لم يَنفردْ به، بل يكون غنيمةً، وقيل غيرُ ذلك.
وفي الحديثِ: أنَّ وُجودَ حَظٍّ مِن الدُّنيا إذا لم يكُن هو مقصودَ المجاهِدِ لا يَقدحُ في إخلاصِه.
وفيه: تشجيعُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصحابِه على فعل الخَيرِ.