‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه334

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه334

حدثنا محمد بن جعفر، وعفان قالا: حدثنا شعبة، عن هشام، قال عفان: أخبرني هشام بن زيد بن أنس قال: سمعت أنس بن مالك يقول: جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال عفان: معها ابن لها - فقال: " والذي نفسي بيده - وقال ابن جعفر: قال: فخلا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " والذي نفسي بيده - إنكم لأحب الناس إلي " ثلاث مرات (1)

الأنْصارُ همْ أهلُ المَدينةِ الَّذين نَصَروا رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وآوَوْه في ديارِهم ومَن معَه مِن المُهاجِرينَ، ولهم في الإسْلامِ سابِقةٌ وأيادٍ على كلِّ المُسلِمينَ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّهم، ويُحِبُّ مَدينَتَهم، كما يُوضِّح هذا الحَديثُ، وفيه يَرْوي أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَأى نِساءَ الأنْصارِ وصِبْيانَهم مُقبِلينَ مِن عُرسٍ، وهو طَعامُ وَليمةِ الزِّفافِ، فقامَ مُمثِّلًا -أي: مُنتَصِبًا قائمًا- ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اللَّهمَّ أنتُم مِن أحَبِّ النَّاسِ إليَّ»، قالها ثَلاثَ مرَّاتٍ للتَّأكيدِ على حبِّه لهم، وتَقديمُ لَفظِ «اللَّهمَّ» للتَّبرُّكِ أو للاستِشْهادِ باللهِ في صِدقِه، يعني: فاللهُ يَشهَدُ أنَّكم مِن أحَبِّ الناسِ إليَّ.
وفي الحَديثِ: فَضيلةٌ جَليلةٌ لنِساءِ الأنْصارِ وصِبْيانِهم.
وفيه: الثَّناءُ على الإنْسانِ في وَجهِه إذا لم يُخَفْ عليه فِتْنةٌ بإعْجابٍ ونَحوِه.
وفيه: شُهودُ النِّساءِ والصِّبْيانِ للأعْراسِ؛ لأنَّها شَهادةٌ لهم عليها، ومُبالَغةٌ في الإعْلانِ بالنِّكاحِ.
وفيه: مَشْروعيَّةُ القِيامِ للتَّرْحيبِ بالقادِمِ.
وفيه: بَيانُ ما كان عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ التَّواضُعِ وحُسنِ العِشْرةِ.