في هذا الحديثِ يَرْوي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهَى أنْ يَستَعمِلَ الرَّجُلُ الزَّعفَرانَ، وهو نَباتٌ ذُو لَونٍ ورائِحةٍ طَيِّبةٍ، كان يُستعمَلُ طِيبًا، ويُصبَغُ به.
والنَّهيُ خاصٌّ بالمُحرِمِ لعُمرةٍ أو حَجٍّ، وحمله بعضُهم على غيرِ المحرِمِ أيضًا، والنَّهيُ يرادُ به الذي في الجَسَدِ، أو الذي فيه تشَبُّهٌ بالنِّساءِ، كوَضْعِه في يديه، وحَمَلَه آخرون على الإطلاقِ، سواءٌ في الثَّوبِ أو البَدَنِ، وأنَّ الزَّعفرانَ يختَصُّ بالنِّساءِ وأنَّه من طِيبِهنَّ.
وقيل: النَّهيُ للكثيرِ منه، أمَّا القليلُ فلا بأسَ به؛ لِما عند الشَّيخينِ مِنْ حديثِ أنسٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ عبدَ الرَّحمنِ بنَ عوفٍ رضِي اللهُ عنه جاء إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وبه أثَرُ صُفرةٍ، فَسألَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأخبَرَهُ أنَّهُ تَزَوَّجَ... الحديث.
وفي روايةٍ عند أصحابِ السُّنَنِ: «وعليه رَدْعُ زَعفَرانٍ».
وقد ثبت عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استعمالُه للزَّعفرانِ؛ فعند أبي داودَ -وأصلُه في الصَّحيحَينِ-، عن ابنِ عُمَرَ: «أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَلبَسُ النِّعالَ السِّبْتيَّةَ، ويُصَفِّرُ لِحْيَتَه بالوَرْسِ والزَّعْفرانِ»، وكان ابنُ عُمَرَ يَفعَلُ ذلك.