مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه428
مسند احمد
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ثابت، عن أنس، " أن أسيد بن حضير ورجلا آخر من الأنصار، تحدثا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة في حاجة لهما، حتى ذهب من الليل ساعة، وليلة شديدة الظلمة، ثم خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقلبان، وبيد كل واحد منهما عصية، فأضاءت عصا أحدهما لهما حتى مشيا في ضوئها، حتى إذا افترق بهما الطريق أضاءت للآخر عصاه، فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه حتى بلغ إلى أهله "
يُكرِمُ اللهُ أولياءَه ببعضِ الكَراماتِ والفَضائلِ كما أكْرَمَ أنبياءَه عليهم السَّلامُ بالمُعجِزاتِ الخارقة التي تُثبِتُ صِحَّةَ نُبوَّتِهم، وخيرُ أولياءِ اللهِ بعدَ أنبيائِه هم صحابةُ نبيِّنا محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحَديثِ بيان لبعض ذلك، حيثُ يَرْوي أنسُ بنُ مالِكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ أُسَيْدَ بنَ حُضَيْرٍ الأنْصاريَّ ورَجُلًا آخَرَ من الأنْصارِ"، وهو عبَّادُ بنُ بِشْرٍ رضِيَ اللهُ عنه، "تحدَّثا عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حاجَةٍ لهما حتى ذَهَبَ منَ اللَّيْلِ ساعةٌ"، أَيْ: وقْتٌ طَوِيلٌ، "في لَيْلةٍ شَديدَةِ الظَّلْماءِ"، أي: لا ضَوْءَ للقَمَرِ فيها، ولا يَظْهَرُ لهم معالِمُ الطَّريقِ فيها عندَ انصرافِهِم، "ثم خَرَجَا"، أي: انْصَرَفَا "من عندِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتقلَّبانِ"، أي: يَرْجعانِ إلى أهْلِهِما، "وبيَدِ كُلِّ واحدٍ منهما عُصَيَّةٌ"، وهي عَصَاةٌ صغيرةٌ، "فأضاءَتْ عَصا أحَدِهِما لهما" قيل: الْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَسْبَقَهُما إسْلامًا وهُو المُقَدَّمُ ذِكْرًا "حتى مَشَيَا في ضَوئِها"؛ إكرامًا لهما، "حتى إذا افْتَرَقَتْ بهما الطريقُ" ليذْهَبَ كلُّ واحِدٍ إلى دارِهِ "أضاءَتْ للآخَرِ عَصاهُ، فمَشى كُلُّ واحِدٍ منهما في ضَوْءِ عَصاهُ حتى بَلَغَ أهْلَهُ"، أي: وَصَلَ كُلُّ وَاحِدٍ إلى أهْلِهِ ودارِهِ.
وفي الحديثِ: مَنْقبةٌ لأُسَيْدِ بنِ حُضَيرٍ وعبَّادِ بنِ بِشْرٍ رضِيَ اللهُ عنهما.
وفيه: بيانُ أَثَرِ الإيمانِ وبَرَكتُهُ للمُؤْمِنِ.
وفيه: إثباتُ الكَرامةِ وأنَّها تقَعُ لِمَن شاءَ مِن عِبادِ اللهِ الصَّالحِينَ.