مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه534
مسند احمد
حدثنا عبد الصمد، حدثني أبي، حدثنا عبد العزيز، عن أنس قال: بينما نبي الله صلى الله عليه وسلم في نخل لنا نخل (4) لأبي طلحة يتبرز لحاجته، قال: وبلال يمشي وراءه، يكرم نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يمشي إلى جنبه، فمر نبي الله صلى الله عليه وسلم بقبر، فقام حتى تم (1) إليه بلال، فقال: " ويحك يا بلال هل تسمع ما أسمع؟ " قال: ما أسمع شيئا. قال: " صاحب القبر يعذب ". قال: فسئل عنه، فوجد يهوديا (2)
عَذابُ القبْرِ مِن العُقوباتِ الغَيبيَّةِ التي بيَّنَها لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والتي يَجِبُ الإيمانُ بها.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "بيْنما رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبِلالٌ يَمْشيانِ بالبَقيعِ" وهي المقبرَةُ المَعروفةُ الَّتي يَدفِنُ بها أهلُ المدينةِ مَوْتاهم، وتقَعُ على الجِهةِ الشَّرقيَّةِ مِن المسجِدِ النَّبويِّ، "فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا بِلالُ، هل تَسمَعُ ما أسْمَعُ؟ قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ما أسْمَعُه"، فظهَرَ أنَّ الصَّوتَ المَسموعَ خاصٌّ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "قال: ألَا تَسمَعُ أهلَ هذه القُبورِ يُعذَّبونَ؟ -يعني: قُبورَ الجاهليَّةِ-"، والمعنى: أنَّهم يُعذَّبون في قُبورِهم على ما سَبَقِ مِن شِرْكيَّاتٍ وكُفْرٍ باللهِ عزَّ وجلَّ، وما اقْتَرَفوهُ في زمَنِ الجاهليَّةِ، وهي الفترةُ التي سبَقَتْ مَبعَثَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالدَّعوةِ إلى دِينِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
وقد ثبَتَ عَذابُ القَبرِ ونَعيمُه بالكِتابِ وبالسُّنَّةِ، وأجْمَعَتِ الأُمَّةُ على ثُبوتِه؛ فهو مَنقولٌ إلينا بالتَّواتُرِ؛ فعلَى المُسلِمِ أنْ يؤمِنَ به، وأنْ يَستعيذَ باللهِ تعالى مِن فِتْنةِ القبْرِ وعَذابِه.
وفي الحديثِ: إثباتُ العذابِ لِأهْلِ الجاهليَّةِ في قُبورِهم.
.