مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه606
مسند احمد
حدثنا سليمان، حدثنا إسماعيل، قال: أخبرني حميد عن أنس قال: " آخر صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم مع القوم، صلى في ثوب واحد متوشحا به خلف أبي بكر " (1)
الصَّلاةُ مِن أهَمِّ فرائِضِ هذا الدِّينِ؛ فهيَ صِلةٌ بَينَ العَبدِ ورَبِّه، فعلى العَبدِ أن يُحسِنَ في صَلاتِه على أكمَلِ وَجهٍ، ومِنَ الإحسانِ في الصَّلاةِ أن يَتَجَمَّلَ ويَتَزَيَّنَ ويَلبَسَ أحسَنَ ثيابِه، وقد أمَرَ اللهُ تعالى بأخذِ الزِّينةِ عِندَ المَساجِدِ، فقال سُبحانَه: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]، والزِّينةُ أمرٌ زائِدٌ على سَترِ العَورةِ الذي هو شَرطٌ مِن شُروطِ الصَّلاةِ، وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصَلِّي في الثَّوبِ الواحِدِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ آخِرَ صَلاةٍ صَلَّاها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَعَ القَومِ، أي: مَعَ الصَّحابةِ الذينَ يُصَلُّونَ جَماعةً في المَسجِدِ، وكان ذلك في مَرَضِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الذي توُفِّيَ فيه، صَلَّى في ثَوبٍ واحِدٍ مُتَوشِّحًا به، والتَّوشُّحُ: هو أن يَأخُذَ طَرَفَ الثَّوبِ الذي ألقاه على مَنكِبِه الأيمَنِ مِن تَحتِ يَدِه اليُسرى، ويَأخُذُ طَرَفَه الذي ألقاه على الأيسَرِ مِن تَحتِ يَدِه اليُمنى، ثُمَّ يَعقِدَهما على صَدرِه، فيَكونَ بمَنزِلةِ الإزارِ والرِّداءِ، وفائِدةُ هذا التَّوشُّحِ أن لا يَنظُرَ المُصَلِّي إلى عَورةِ نَفسِه إذا رَكَعَ، ولئَلَّا يَسقُطَ الثَّوبُ عِندَ الرُّكوعِ والسُّجودِ. خَلفَ أبي بَكرٍ، أي: كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُقتَديًا بأبي بَكرٍ في هذه الصَّلاةِ وليسَ إمامًا.
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ الصَّلاةِ في الثَّوبِ الواحِدِ.
وفيه مَشروعيَّةُ عَقدِ طَرَفيِ الثَّوبِ.
وفيه بَيانُ صَلاةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَلفَ أبي بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه.
وفيه مَشروعيَّةُ صَلاةِ الفاضِلِ خَلفَ المَفضولِ.
وفيه مَنقَبةٌ وفضيلةٌ لأبي بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه.