‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه750

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه750

حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، حدثنا قتادة، وحجاج قال: حدثني شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أخرجوا من النار من قال: لا إله إلا الله، من كان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، (1) أخرجوا من النار من قال: لا إله إلا الله، من كان في قلبه من الخير ما يزن ذرة، (2) أخرجوا من النار من قال: لا إله إلا الله، من كان في قلبه من الخير (3) ما يزن برة " (4)

شهادةُ التَّوحيدِ فضلُها عظيمٌ عند الله؛ فهي سببٌ للنَّجاة من النَّار، وهي أثقلُ في المِيزان من جميعِ الأعمال، والمؤمنُ يجب أنْ يكون حريصًا على أداءِ حقوقِ هذه الشَّهادة، والعملِ بمُقتضاها؛ ليكونَ له ذلك الفضلُ مِن الله.
وهذا الحديثُ جزءٌ من حديثٍ طويلٍ يُوضِّح سَعَةَ رحمة الله بعبادِه، وما يَتفضَّل به على المُوحِّدين يومَ القيامة، بعدَ شَفاعةِ النَّبيِّ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فإنَّه سبحانه يَقضِي بأنْ "يَخرُج مِن النَّار مَن قال: لا إِلهَ إلَّا اللهُ، وكان في قَلْبِه من الخيرِ ما يَزِن شَعِيرَةً"، أي: يَخرُج من النَّار مَن شهِدَ بالتَّوحيد، وكان في قلْبه مِقدارٌ من الخير يَزِن حَبَّةَ شَعيرٍ بشفاعة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم يَشفَع النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند الله، فيَخرُج مَن شَهِد بالتَّوحيد "وكان في قلْبِه مِن الخيرِ ما يَزِن بُرَّةً"، والبُرَّة: هي حَبُّةُ القَمحِ، وهي أقلُّ مِن حَبَّة الشَّعير، ثمَّ يَشفَع النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عندَ الله، فيَخرُج مَن شَهِد بالتَّوحيد "وكان في قلبِه من الخيرِ ما يَزِن ذَرَّة"، والذَّرَّة: هي النَّمْلةُ الصَّغيرة، أو هي الواحدةُ ممَّا يَظهَر في ضوءِ الشَّمس من الغُبار.
وزادَ ابنُ مِنهال في روايتِه: قال: يَزيدُ: فلقيتُ شُعْبةَ فحدَّثتُه بالحديث، فقال شُعْبةُ: حدَّثَنا به قَتادة، عن أنسِ بنِ مالك، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالحديث، إلَّا أنَّ شُعْبةَ جَعَل مكانَ الذَّرَّة: ذُرَة- بضمِّ الذَّالِ وتخفيفِ الرَّاء- قال يَزيدُ: صحَّف فيها أبو بِسْطام، وهذا يُوضِّح اهتمامَ الرُّواة بضبْط ألفاظ الأحاديثِ.
وفي الحديث: بيانُ فَضْل شَهادةِ التَّوحيد يومَ القيامةِ.
وفيه: إثباتُ الشَّفاعةِ للنَّبيِّ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم يومَ القِيامةِ، وإظهارُ مَكانتِه وكَرامتِه عندَ الله تعالى.
وفيه: بيانُ عظيمِ فَضْلِ الله ورحمتِه بالعبادِ يومَ القيامةِ.