مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه763
مسند احمد
حدثنا مؤمل، حدثنا حماد، حدثنا ثابت، عن أنس، " أن أبا طيبة حجم النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر له بصاع من تمر، وكلم أهله، فوضعوا عنه من خراجه "
ثم قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تَسْأَلوني عن شيءٍ إلَّا أخبَرْتُكم به"، ولعلَّه قال ذلك لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طلَبَ منَ الناسِ ألَّا يُكثِروا منَ الأسئلةِ فيما لا طائلَ تَحتَه، فأرادَ أنْ يَختَبِرَهم، وقيلَ: إنَّما قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك لأنَّه بلَغَه أنَّ قَومًا منَ المُنافِقينَ يَنالونَ منه، ويُعَجِّزونَه عن بعضِ ما يَسأَلونَه عنه، فتَغيَّظَ عليهم، "فقال عبدُ اللهِ بنُ حُذافةَ: مَن أبي يا رسولَ اللهِ؟" وكان يظُنُّ أنَّه ليس بأبيه، ويُعيَّرُ بذلك، وقيلَ: كان سَببُ السؤالِ طَعْنَ بعضِ الناسِ في نَسَبِ بَعضِهم على عادةِ الجاهليةِ، "قال: أبوكَ حُذافةُ بنُ قَيسٍ"، فنسَبَه إلى أبيه الذي يُعرَفُ به بينَ الناسِ، "فرجَعَ إلى أُمِّه، فقالت: وَيْحَكَ"! وهي كلمةٌ لتَقْبيحِ ما فعَلَه، "ما حمَلَكَ على الذي صنَعْتَ؟ فقد كُنَّا أهلَ جاهليةٍ، وأهلَ أعمالٍ قَبيحةٍ"، والمرادُ من كلامِها أنَّه كان يقَعُ بينَ الناسِ أُمورُ الفَواحشِ، فإنْ أخبرَكَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأمرٍ قبيحٍ عن نسَبِكَ؛ فإنَّ المَعرَّةَ كانتْ ستُلازِمُكَ أكثَرَ! "فقال لها: إنْ كُنْتُ لأُحِبُّ أنْ أعلَمَ مَن أبي؛ مَن كان منَ الناسِ"؛ لأتأكَّدَ مِن نَسَبِي ومِن أبي، ويَذهبَ عني الذي يُعيِّرني به الناسُ.
وفي رِوايةِ الصَّحيحِ: "فلمَّا رَأى عُمَرُ بنُ الخطَّابِ ما في وَجهِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منَ الغَضَبِ، قال: يا رسولَ اللهِ، إنَّا نَتوبُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ"! وهذا مِن خوفِه مِن غَضَبِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وحِرصِه على استِرضائِه.