‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه968

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه968

حدثنا بهز، حدثنا أبو هلال، قال: حدثنا قتادة، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وعدني ربي أن يدخل لي (3) من أمتي الجنة مائة ألف " فقال أبو بكر: يا رسول الله، زدنا، قال

فَضلُ اللهِ تَعالى على أُمَّةِ الإسلامِ عَظيمٌ، ومِن ذلك ما تَفضَّلَ عليها به مِن كَثرةِ مَن يُدخِلُهمُ الجَنَّةَ مِن هذه الأُمَّةِ المَرحومةِ، ومِن كَونِها أوَّلَ مَن يَدخُلُ الجَنَّةَ مِنَ الأُمَمِ.

 وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: وَعَدَني رَبِّي" ووَعدُ اللهِ حَقٌّ ونافِذٌ "أنْ يُدخِلَ لي مِن أُمَّتي الجَنَّةَ مِئةَ ألْفٍ" والمَعنى: أنَّه سُبحانَه وتَعالى وَعَدَني أنْ يُعطيَني مِن أُمَّتي هذا العَدَدَ المُعيَّنَ لِيُدخِلَهمُ الجَنَّةَ بغَيرِ حِسابٍ. وفي الصَّحيحَيْنِ مِن حَديثِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما تَوضيحُ ذلك: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: "يَدخُلُ الجَنَّةَ مِن أُمَّتي سَبعونَ ألْفًا بغَيرِ حِسابٍ؛ همُ الذين لا يَستَرْقونَ، ولا يَتطَيَّرونَ، وعلى رَبِّهم يَتوَكَّلونَ". "فقالَ أبو بَكرٍ: يا رَسولَ اللهِ، زِدْنا" أيِ: اطلُبْ مِنَ اللهِ أنْ يَزيدَ في عَدَدِ مَن يُدخِلُهمُ الجَنَّةَ مِنَّا، "قالَ له: وهكذا. وأشارَ بيَدِه" بمَعنى أنَّه أشارَ بيَدِه إلى أنَّ اللهَ يُدخِلُهمُ الجَنَّةَ بحَثوةٍ أو حَفْنةِ يَدَيْه ولا يُبالي بكَثرةِ الدَّاخِلينَ، "قالَ: يا نَبيَّ اللهِ، زِدْنا" وكُلُّ ذلك مِنَ الاستِزادةِ وطَلَبِ الخَيرِ لِلأُمَّةِ، "فقالَ: وهكذا، وأشارَ بيَدِه، قالَ: يا نَبيَّ اللهِ، زِدْنا. فقالَ: وهكذا. فقالَ له عُمَرُ: قَطْكَ يا أبا بَكرٍ"، أي: يَكفيكَ يا أبا بَكرٍ، ولا تَستَزِدْ.

 قالَ أبو بَكرٍ: "ما لنا ولكَ يا ابنَ الخَطَّابِ؟" دَعْنا نَطلُبِ الزِّيادةَ مِنَ اللهِ؛ فهو أكرَمُ الأكرَمينَ، "قالَ له عُمَرُ: إنَّ اللهَ قادِرٌ أنْ يُدخِلَ الناسَ الجَنَّةَ كُلَّهم بحَفنةٍ واحِدةٍ" فبرَحمَتِه يَقدِرُ أنْ يُدخِلَ كُلَّ الناسِ الجَنَّةَ بحَفنةٍ واحِدةٍ، وقدِ استَزَدتَ حَفناتٍ مُتعَدِّدةً، فيَكفيكَ، والحَفْنةُ والحَثوةُ هي ما يأخُذُه الإنسانُ بيَدَيْه مِن ماءٍ أو تُرابٍ أو غَيرِهما, ويُستَعمَلُ فيما يُعطيه الإنسانُ بكَفَّيْه دُفعةً، مِن غَيرِ وَزنٍ وتَقديرٍ، ومَعناها أنَّ اللهَ سُبحانَه يُعطي عطاءً بغَيرِ حِسابٍ ولا تَقديرٍ، ولا يُعْيِيه ذلك، "قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: صَدَقَ عُمَرُ"، فوافَقَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عُمَرَ على رَأْيه بأنَّ اللهَ سُبحانَه قادِرٌ على إدخالِ مَن يَشاءُ مِنَ الناسِ الجَنَّةَ ولا يُعييه كَثرَتُهم.