مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 113
مسند احمد
حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الملك، عن عطاء، عن جابر، قال: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربع مضين من ذي [ص:142] الحجة، ونحن محرمون بالحج، فأمرنا أن نجعلها عمرة، فضاقت بذلك صدورنا، وكبر علينا، فبلغه ذلك، فقال: «يا أيها الناس، أحلوا، فلولا الهدي الذي معي لفعلت مثل ما تفعلون» ، ففعلنا، - وطئنا النساء - ما يفعل الحلال، حتى إذا كان عشية التروية - أو يوم التروية - جعلنا مكة بظهر، ولبينا بالحج،
في هذا الحديثِ يَقولُ جابرٌ: "أهْلَلْنا معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالحَجِّ خالِصًا لا يُخالِطُه شيءٌ"، يَعْني: مِنَ العُمْرةِ، "فقَدِمْنا مَكَّةَ لأربَعِ لَيالٍ خَلَونَ" أي: مَضَينَ "مِنْ ذي الحِجَّةِ، فطُفْنا" بالبيتِ "وسَعَيْنا" بينَ الصَّفا والمروَةِ، "ثمَّ أَمَرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن نُحِلَّ"، يَعني مِنَ الإحرامِ، وأَمَرَهم أنْ يَجْعَلوه عُمْرةً، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لَولا هَدْيي لحَلَلْتُ"، يَعْني: لولا أنَّ معي الهدْيَ لكنتُ مُتَمتِّعًا وأنتم لم تَسوقوا الهَدْيَ، فعلَيكم أنْ تُحِلُّوا؛ ولأنَّ صاحِبَ الهَدْيِ لا يتَحلَّلُ حتَّى يَبْلُغَ الهديُ مَحِلَّه، "ثُمَّ قام سُراقةُ بنُ مالكٍ، فقال: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ مُتْعَتَنا هذه" والمعنى: أَخْبِرْني يا رسولَ اللهِ عَن فَسْخِنا الحجَّ إلى عُمرتِنا هذه - التي تَمتَّعْنا فيها بالجِماعِ والطِّيبِ واللُّبْسِ - "ألِعامِنا هذا أمْ للأبَدِ"، يعني: مُسْتمِرَّةً في جميعِ الأزمانِ؟ "فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: بل هي للأبدِ"؛ فبيَّنَ النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بقولِه هذا أنَّها مُسْتمرَّةٌ