مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 132
مسند احمد
حدثنا هشيم، عن عبد الحميد بن جعفر، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عاد مريضا، لم يزل يخوض في الرحمة حتى يجلس، فإذا جلس اغتمس فيها»
حَثَّ الإسلامُ أهلَه أنْ يكونوا كالجَسَدِ الواحدِ، إذا مَرِضَ أحَدٌ عادوه ووَقَفوا بجِوارِه، وقد جعَل اللهُ عزَّ وجلَّ على عِيادةِ المريضِ أجْرًا عَظيمًا
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا الأجْرَ العَظيمَ، فيقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن عادَ مَريضًا"، أي: مَن ذَهَبَ لزيارَةِ مَريضٍ، "خاضَ الرَّحمَةَ"، أي: يَدخُلُ في رَحمَةِ اللهِ عزَّ وجلَّ من أوَّلِ ما يَخرُجُ من بَيتِه بنِيَّةِ العبادَةِ، "فإذا جَلَسَ عندَه استَقْنَعَ فيها"، وفي رِوايَةِ ابنِ حِبَّانَ: "غَمَرَ فيها"، أي: غاصَ في الرَّحمَةِ، أو استقَرَّ فيها، وفي هذا تَشْبيهُ الرَّحمَةِ كأنَّها ماءٌ يُغاصُ فيه، ووَجْهُ الشَّبَهِ هو طَهارَةُ الماءِ وشُمولُه، "فإذا خرَجَ مِن عندِه خاضَ الرَّحمَةَ؛ حتى يَرجِعَ بَيتَه"، وهذا دليلٌ على عِظَمِ أجْرِ مَن عادَ مَريضًا؛ فإنَّ رَحمَةَ اللهِ عزَّ وجلَّ تَغمُرُه؛ وذلك أنَّ عِيادَةَ المريضِ والمَشْيَ إليه سَبَبٌ إلى الجَنَّةِ، التي هي أعْلى دَرَجاتِ الرَّحمَةِ، وفي زِيارةِ المَرْضى زيادَةُ الأُلْفَةِ بين النَّاسِ
وفي الحديثِ: بيانُ الأجْرِ الكَبيرِ في عِيادةِ المرضَى