مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 152

مسند احمد

مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 152

حدثنا محمد بن أبي عدي، عن محمد بن إسحاق، ح ويزيد، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، المعنى، عن محمد بن إبراهيم، عن عطاء بن يسار، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال يزيد في حديثه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: -: «إذا سمعتم نباح [ص:188] الكلاب، ونهاق الحمير من الليل، فتعوذوا بالله، فإنها ترى ما لا ترون، وأقلوا الخروج إذا هدأت الرجل، فإن الله يبث في ليله من خلقه ما شاء، وأجيفوا الأبواب، واذكروا اسم الله عليها، فإن الشيطان لا يفتح بابا أجيف، وذكر اسم الله عليه، وأوكوا الأسقية، وغطوا الجرار، وأكفئوا الآنية» ، قال يزيد: وأوكوا القرب

للهِ تَعالى مَخلوقاتٌ لا نَستطيعُ رُؤيتَها، ولكنْ حذَّرَنا اللهُ سُبحانَه مِن شَرِّها فَضْلًا منه عزَّ وجلَّ؛ ولأنَّ هذه المخلوقاتِ ربَّما تُوقِعُ بالإنسانِ الضَّرَرَ؛ فإنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد بيَّن كيف يُحصِّنُ المُسلِمُ نفسَه من ضَرَرِ هذه المخلوقاتِ، كما يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ

في هذا الحديثِ: "إذا سَمِعتُم نُباحَ الكِلابِ"، أي: صَوتَها العاليَ الذي تُعرَفُ به، "ونَهيقَ الحِمارِ"؛ وهو صَوْتُ الحِمارِ العالي الَّذي يُعرَفُ به، "باللَّيلِ" وخُصَّ اللَّيلُ لانتِشارِ شَياطينِ الإنْسِ والجِنِّ فيه، وكَثرَةِ إفْسادِهم، فإذا سَمِعتُم صَوتَهما "فتَعَوَّذوا باللهِ من الشَّيْطانِ"، أي: استَعيذوا باللهِ من الشَّيْطانِ الرَّجيمِ؛ "فإنَّهن يَرَيْنَ ما لا تَرَوْنَ"، أي: إنَّهم يُبصِرونَ الشَّيْطانَ، كما جاء في الحديثِ الذي خرَّجه البُخاريُّ عن أبي هُرَيرَةَ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «إذا سَمِعتُم نَهيقَ الحِمارِ؛ فتَعَوَّذوا باللهِ من الشَّيْطانِ؛ فإنَّها رَأَتْ شَيْطانًا». ثم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وأَقِلُّوا الخُروجَ إذا هَدَأَتِ الرِّجْلُ"، أي: ولا تُكْثِروا الخُروجَ من مَنازِلِكم إذا قَلَّ تَرَدُّدُ النَّاسِ في الطَّريقِ، وقَلَّ خُروجُ النَّاسِ من مَنازِلِهم؛ "فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يَبُثُّ في لَيلِه مِن خَلْقِه ما يَشاءُ"، أي: فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يَنشُرُ ويُرسِلُ في اللَّيلِ من مَخْلوقاتِه من الجِنِّ والشَّياطينِ والحَيَواناتِ المُضِرَّةِ، فمَن أكثَرَ الخُروجَ حين ذاك لغَيرِ غَرَضٍ شَرْعيٍّ أوشَكَ أنْ يَحصُلَ له أذًى؛ لمُخالَفَتِه للمَشروعِ
ثم بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعضَ الآدابِ التي يَنبَغي على المُسلِمِ أنْ يَنتَبِهَ إليها؛ حتى يُحصِّنَ نفسَه من شَرِّ هذه المخلوقاتِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وأَجِيفوا الأبْوابَ، واذكُروا اسمَ اللهِ عليها"، أي: أَغْلِقوا الأبْوابَ، واذْكُروا اسمَ اللهِ عزَّ وجلَّ وأنتم تُغلِقونَها؛ "فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَفتَحُ بابًا أُجيفَ، وذُكِرَ اسمُ اللهِ عليه"، أي: لا يَقدِرُ على النَّفاذِ منه، "وغَطُّوا الجِرارَ" جَمْعُ جَرَّةٍ، أي: الأواني، "وأَوْكِئوا القِرَبَ" القِرَبُ هي الأوعيةُ الذي يُوضَعُ فيه الماءُ، والوِكاءُ هو الخَيْطُ الذي يُربَطُ به الوِعاءُ، والمُرادُ: أَغْلِقوا الأوعيَةَ التي يُوضَعُ فيها الماءُ، وارْبِطوها بِرِباطِها الذي يَحفَظُها مِن الهَوامِّ ونَحوِها، "وأَكْفِئوا الآنِيَةَ"، أي: تُغَطَّى ويُحجَبُ ما فيها من طَعامٍ، ولعلَّ المُرادَ بها الأواني الفارِغَةُ، فيكونُ المُرادُ: قَلْبَها على وَجْهِها؛ لِئَلَّا يَدُبَّ عليها شَيءٌ أو تَتَنجَّسَ
وفي الحَديثِ: أنَّ بَعضَ الحَيَواناتِ تَرَى ما لا يَرَى البَشَرُ