مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 220
مسند احمد
حدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، عن جابر، قال: توفي عبد الله بن عمرو بن حرام، يعني أباه - أو استشهد -، وعليه دين، فاستعنت رسول الله صلى الله عليه وسلم على غرمائه أن يضعوا من دينه شيئا، فطلب إليهم، فأبوا، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذهب فصنف تمرك أصنافا، العجوة على حدة، وعذق زيد على حدة، وأصنافه، ثم ابعث إلي» ، قال: ففعلت، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس على أعلاه، أو في وسطه، ثم قال: «كل للقوم» ، قال: فكلت للقوم حتى أوفيتهم، وبقي تمري كأنه لم ينقص منه شيء
المسلمُ أخو المسلمِ، وعليه أنْ يَسعَى في حاجةِ أَخيهِ المُسلمِ، خاصَّةً لِمَنْ صَرَّحَ بطَلَبِ العَوْنِ، ويَبقى معَهُ حتى تَنتهيَ حاجَتُه
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه تُوفِّيَ والدُهُ عبدُ اللهِ بنُ عَمرِو بنِ حَرامٍ رَضيَ اللهُ عنه وعليه دَينٌ -وكان قدِ استُشهِدَ في غَزوةِ أُحدٍ- فطلَبَ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُعينَه على أصحابِ الدُّيونِ في أنْ يَتْرُكوا له شيئًا مِن دَيْنِه؛ حتَّى يَستطيعَ أنْ يُوفِيَ لهم دَيْنَهم، ففَعلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وطلَبَ مِن أصحابِ الدُّيونِ -وكَانوا مِن اليهودِ- أنْ يَترُكوا مِنه شيئًا، فَلمْ يَستجيبوا لطَلَبِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فطَلَبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن جابِرٍ أنْ يَذهَبَ إلى حَديقتِهِ ويُصنِّفَ تَمْرَهُ أَصنافًا؛ فيَجعَلَ العَجْوةَ على حِدَةٍ والعَجْوَةُ: نَوعٌ مِن أجودِ التَّمرِ بِالمدينةِ- ويَجعَلَ عَذْقَ زَيدٍ على حِدَةٍ -وعَذْقُ زَيدٍ نَوعٌ مِن التَّمرِ الرَّديءِ- ففَعَلَ جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه، وأَرسَلَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخبِرُهُ أنَّه قد فعَلَ، فجاء النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجلَسَ أعْلَى التَّمرِ -أو في وَسَطِهِ- ثمَّ أَمَرَ جابرًا أنْ يَكيلَ لأصحابِ الدُّيونِ ويَزِنَ لهمْ حتى وفَّى لهمْ دَيْنَهُم الَّذي كانَ على أبيهِ، والمرادُ بِقولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «جُذَّ له»، أي: اقْطَعْ للغَريمِ العَراجِينَ وأوْفِ له حَقَّه، فذَكَرَ جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ التَّمرَ بقِيَ كما هو بعْدَما قَضى للغُرماءِ دَيْنَهمْ كأنَّه لم يَنقُصْ منه شَيءٌ ببَركةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وفي الحديثِ: مُعجِزةٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ودَلالةٌ مِن دَلائلِ نُبوَّتهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وفيه: مَشروعيَّةُ طَلَبِ تَخفيفِ الدُّيونِ إذا أَثقَلَ الدَّينُ صاحبَه، ولكنْ دونَ إلْزامٍ للدَّائنِ