مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 267
مسند احمد
حدثنا إسماعيل، أخبرنا ابن جريج، عن عطاء، قال: قال جابر بن عبد الله: أهللنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالحج خالصا، ليس معه غيره خالصا وحده، فقدمنا مكة صبح رابعة مضت من ذي الحجة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «حلوا، واجعلوها عمرة» ، فبلغه إنا نقول: لما لم يكن وبين عرفة إلا خمس، أمرنا أن [ص:301] نحل، فنروح إلى منى، ومذاكيرنا تقطر منيا، فخطبنا، فقال: «قد بلغني الذي قلتم، وإني لأتقاكم، وأبركم، ولولا الهدي لحللت، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت حلوا، واجعلوها عمرة» ، قال: وقدم علي من اليمن، قال: «بم أهللت؟» فقال: بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «فأهده، وامكث حراما كما أنت»
في هذا الحديثِ يَقولُ جابرٌ: "أهْلَلْنا معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالحَجِّ خالِصًا لا يُخالِطُه شيءٌ"، يَعْني: مِنَ العُمْرةِ، "فقَدِمْنا مَكَّةَ لأربَعِ لَيالٍ خَلَونَ" أي: مَضَينَ "مِنْ ذي الحِجَّةِ، فطُفْنا" بالبيتِ "وسَعَيْنا" بينَ الصَّفا والمروَةِ، "ثمَّ أَمَرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن نُحِلَّ"، يَعني مِنَ الإحرامِ، وأَمَرَهم أنْ يَجْعَلوه عُمْرةً، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لَولا هَدْيي لحَلَلْتُ"، يَعْني: لولا أنَّ معي الهدْيَ لكنتُ مُتَمتِّعًا وأنتم لم تَسوقوا الهَدْيَ، فعلَيكم أنْ تُحِلُّوا؛ ولأنَّ صاحِبَ الهَدْيِ لا يتَحلَّلُ حتَّى يَبْلُغَ الهديُ مَحِلَّه، "ثُمَّ قام سُراقةُ بنُ مالكٍ، فقال: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ مُتْعَتَنا هذه" والمعنى: أَخْبِرْني يا رسولَ اللهِ عَن فَسْخِنا الحجَّ إلى عُمرتِنا هذه - التي تَمتَّعْنا فيها بالجِماعِ والطِّيبِ واللُّبْسِ - "ألِعامِنا هذا أمْ للأبَدِ"، يعني: مُسْتمِرَّةً في جميعِ الأزمانِ؟ "فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: بل هي للأبدِ"؛ فبيَّنَ النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بقولِه هذا أنَّها مُسْتمرَّةٌ