مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 320
مسند احمد
حدثنا محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه: سمع جابر بن عبد الله، يقول: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يستند إلى جذع نخلة من سواري المسجد، فلما صنع له المنبر، فاستوى عليه، اضطربت السارية كحنين الناقة، حتى سمعها أهل المسجد، فنزل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتزمها، فسكنت» ، وقال عبد الرزاق، وروح: اضطربت تلك السارية، وقال روح [ص:359]: فاعتنقها فسكنت، وقال عبد الرزاق: فسكتت
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ في الجُمُعةِ والأعيادِ وغيرِ ذلك مِن مُناسَباتِ الخَطابَةِ، وهو واقِفٌ على جِذْعِ نَخْلٍ في المسْجِدِ
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقومُ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلى جِذْعٍ مَنْصوبٍ"، أي: مُثبَّتٍ "في المسْجِدِ يومَ الجُمُعةِ، فخَطَبَ الناسَ فجاءَه رُوميٌّ، فقال: يا رسولَ اللهِ، ألا أَصْنَعُ لك شيئًا تَقْعُدُ عليه كأنَّك قائِمٌ"، أي: يكونُ عاليًا، فإذا قَعَدْتَ عليه، تكونُ مُرتفِعًا مِثلَ الواقِفِ، "فصَنَعَ له مِنْبَرًا دَرَجَتيْنِ ويَقْعُدُ على الثالِثَةِ، فلمَّا قَعَدَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على ذلك المِنْبَرِ، خارَ الجِذْعُ كخُوارِ الثَّوْرِ"، أي: بَكَى وأَظْهَرَ صوْتًا مِثلَ صوْتِ الثَّوْرِ "حتى ارْتَجَّ"، أي: امْتَلَأَ وضَجَّ "المسْجِدُ بخُوارِهِ، فنَزَلَ إليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فالْتَزَمَهُ"، أي: ضمَّه إلى صَدْرِهِ "فسَكَنَ"، أي: هَدَأَ "فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: والذي نَفْسي بيَدِهِ لو لم أَلْتَزِمْه لَمَا زالَ كذا إلى يوْمِ القِيامَةِ حُزْنًا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثم أَمَرَ به رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فدُفِنَ"، ووَرَدَ أنَّه دُفِنَ تحتَ المِنْبَرِ إكْرامًا له، وليكونَ قريبًا من الذِّكْرِ
وفي الحديثِ: مُعجِزةٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحَنينِ الخَشَبَةِ إليه، وبُكائِها لفِراقِهِ
وفيه: مَشْروعيَّةُ بِناءِ المنابِرِ في المساجِدِ