مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 422
مسند احمد
حدثنا يونس بن محمد، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا محمد بن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن واقد بن عبد الرحمن بن سعد بن معاذ، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل» قال: «فخطبت جارية من بني سلمة، فكنت أختبئ لها تحت الكرب حتى رأيت منها بعض ما دعاني إلى نكاحها، فتزوجتها»
حَرَص الإسلامُ على دَوامِ الوُدِّ والمحبَّةِ بينَ الزَّوجينِ، وشَرَع لِذَلك أسبابًا مِن بادئِ الأمرِ في الخُطوبةِ، حتَّى يَكونَ أَحْرى لِدَوامِ العِشْرةِ بينَهما
وفي هذا الحديثِ بيانُ ذلك؛ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "إذا خَطَب أحدُكم المرأةَ، فإنِ استَطاع أن يَنظُرَ إلى ما يَدْعوه إلى نِكاحِها فلْيَفعَلْ"، أي: إذا أراد الرَّجلُ أن يتزوَّجَ امرأةً فلْيَنظُرْ إلى ما يَدْعوه إلى نِكاحِها وإلى ما يَحْصُلُ له المَقصودُ بالنَّظَرِ إليه، كوَجهِها وكفَّيْها؛ وذلك لأنَّ الوجهَ يُعرَفُ مِنه جَمالُها، واليَدَينِ يُعرَفُ مِنهُما خُصوبةُ بدَنِها، وهذا النظر يكون قَبلَ الخِطبةِ؛ حتَّى لا يشقَّ عليها ترْكُ الخِطبةِ إذا لم تُعجِبْه، وفي أمرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم مَصلحةٌ كُبْرى؛ فقد يَكونُ في المرأةِ شَيءٌ يُؤثِّر في دَوامِ العِشرةِ بعدَ الزَّواجِ، فبِالنَّظرِ إليها يتَبيَّنُ له ويَعرِفُه، فيُفارِقُها قبلَ الدُّخولِ، فيَكونُ الأمرُ أخَفَّ وأسهَلَ وأهوَنَ مِن الدُّخولِ بها والطَّلاقِ بعدَ ذلك
ثمَّ قال جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ راوي هذا الحديثِ: "فخَطَبتُ جاريةً فكُنتُ أتَخبَّأُ لها حتَّى رأيتُ مِنها ما دَعاني إلى نِكاحِها وتزوُّجِها، فتَزوَّجتُها"، وهذا يدلُّ على أنَّ للرَّجُلِ النَّظرَ إلى المرأةِ سواءٌ أذِنَت له أم لا
وفي الحديثِ: أنَّ العِفَّةَ المطلوبةَ مِن النِّكاحِ لا تَحصُلُ إلَّا بالرَّغبةِ في المرأةِ، وأنَّ مِن دَواعي النِّكاحِ الجَمالَ