مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 509

مسند احمد

مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 509

 حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو الزبير، قال: سألت جابرا عن الرجل يتولى مولى الرجل بغير إذنه، فقال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على كل بطن عقولهم» ، ثم كتب: «إنه لا يحل أن يتولى مولى رجل مسلم بغير إذنه» ،

حرَّمَ الإسلامُ القتلَ، وغلَّظَ على مَن تَعمَّدَه بغيرِ حقٍّ شَرعيٍّ، وقد بيَّن الشَّرعُ الحكيمُ أحكامَ القتلِ العمَدِ والخطَأِ، وبيَّنَ أنَّ الخَطأَ فيه الدِّيةُ، وبيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَن يَتحمَّلُ دفْعَ الدِّيةِ فيه

 وهذا الحديثُ يُبيِّنُ جانبًا مِن ذلك؛ حيث يقولُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ الأنصاريُّ رضِيَ اللهُ عنهما: "كتَبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على كلِّ بطْنٍ عُقولَه"، أي: إنَّ الدِّيةَ الَّتي يَدفَعُها القاتلُ إنَّما تكونُ على البَطنِ الَّتي أتَى مِنها، والمرادُ بها: عصَبتُه مِن الرِّجالِ مِن الآباءِ والأبناءِ، والبطنُ قِسْمٌ دونَ القَبيلَةِ، والفَخِذُ دونَ البطنِ، والعُقولُ: هي الدِّياتُ، والهاءُ في (عُقولُه) ضميرٌ يَعودُ إلى البَطنِ، أو هي التَّاءُ المربوطةُ لإفادَةِ المَرَّةِ الواحِدةِ. وقيل: إنَّ الدِّياتِ لا تَختَلِفُ باختلافِ البُطونِ، ولكنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا هاجَرَ إلى المدينةِ، واستقرَّ أمْرُه فيها؛ آخَى بينَ المهاجِرينَ والأنصارِ، وصالَحَ مَن كان فيها مِن اليهودِ، وميَّز القبائلَ بعضَها مِن بعضٍ، وضمَّ البُطونَ بعضَها إلى بَعضٍ فيما يَنُوبُهم مِن الحُقوقِ والغراماتِ في الدِّياتِ؛ لأنَّه كانت بيْنهم دِماءٌ وَدِياتٌ بحسَبِ الحروبِ السَّابقةِ قبلَ الإسلامِ، فرفَعَ اللهُ ذلك عنهم، وألَّف بيْن قُلوبِهم. "وقال: لا يَتولَّى مولًى قومًا إلَّا بإذنِهم"، أي: ويَحرُمُ على مُسلِمٍ كان عبدًا وأُعتِق أنْ يَنسُبَ نفسَه لغيرِ مَن أعتَقَه؛ لأنَّ الولاءَ لُحْمةٌ كلُحْمةِ النَّسبِ، لا يَجوزُ نَقلُه مِن شخصٍ إلى شخصٍ آخَرَ. وقيل: مَعْناه أنَّ المسلِمَ إذا استَأذَنه المولى أنْ يتَولَّاه، فإنَّه يَمنَعُه مِن ذلك، ويُعرِّفُه أنَّه لا يَحِلُّ له الخروجُ عن مَواليه؛ فقولُه: (إلَّا بإذنِهم) هذا القيدُ لزِيادةِ التقبيحِ وتأْكيدِ النَّهيِ، وليس لإباحةِ الفعلِ بعدَ إذْنِ السَّيِّدِ
قال جابرٌ رضِيَ اللهُ عنه: "ووجَدْتُ في صَحيفتِه: ولعَنَ مَن فعَلَ ذلك"، أي: دعا بالطَّردِ مِن رَحمةِ اللهِ على كلِّ مَن تولَّى غيرَ مَواليهِ
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن مُوالاةِ غيرِ الموالي؛ لأنَّ الولاءَ لُحمةٌ كلُحمةِ النَّسبِ، لا يَجوزُ نقْلُه مِن شخصٍ إلى شخصٍ آخَرَ