مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 513
مسند احمد
حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو الزبير، عن جابر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، ونظر إلى الشام، فقال: «اللهم أقبل بقلوبهم» ، ونظر إلى العراق، فقال نحو ذلك، ونظر قبل كل أفق، ففعل ذلك، وقال: «اللهم ارزقنا من ثمرات الأرض، وبارك لنا في مدنا وصاعنا»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُحِبُّ الخيرَ للنَّاسِ جَميعًا، ويَدْعو لهم بالهدايةِ، وكان يُحِبُّ أهْلَ الإسلامِ خاصَّةً، ويدعو لهم بالخيرِ والسَّعَةِ والرَّغْدِ والبرَكةِ في الأرزاقِ والأقواتِ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ زيدُ بنُ ثابتٍ رَضِي اللهُ عَنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "نظَر قِبَلَ اليمَنِ"، أي: أدار بصَرَه في اتِّجاهِ اليمَنِ "فقال" النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "اللَّهمَّ أقبِلْ بقُلوبِهم"، أي: اجعَلْ قُلوبَهم راغِبةً في الإتيانِ إلينا مُقبِلةً علينا
ثمَّ لَمَّا كان تَوافُدُ المهاجِرين إلى المدينةِ مع ضيقِ العَيشِ فيها، دَعا لهم في طَعامِهم، وقيل: كان دُعاؤُه للمَدينةِ؛ لأنَّ طَعامَهم كان يأتي مِن اليمَنِ، ولذا دَعا ببرَكةِ الطَّعامِ المَجْلوبِ لهم مِن اليمَنِ، "وبارِكْ لنا في صاعِنا ومُدِّنا"، يعني: زِدْ في الطَّعامِ الَّذي بهما كما في حديثٍ آخَرَ مِن دُعائِه بمُضاعَفةِ صاعِ ومُدِّ المدينةِ عن مكَّةَ، والصَّاعُ والمُدُّ مِن المكاييلِ والموازينِ
وفي تقديرِ الْمُدِّ والصَّاعِ خِلافٌ؛ فالْمُدُّ يُساوي الآنَ تقريبًا 509 جرامات في أقلِّ تقديرٍ، و 1072 جرامًا في أعلى تقديرٍ، أي: يُساوي كيلًا واثنَين وسَبعين جِرامًا، أمَّا الصَّاعُ فيُساوي بالجرامِ 2036 في أقلِّ تقديرٍ، أي: كِيلَيْ جرامٍ وستًّا وثَلاثين جِرامًا، وفي أعلى تقديرٍ يُساوي: 4288 جرامًا، أي: أربعةَ كِيلواتٍ ومِئتين وثمانيةً وثَمانين جِرامًا
وفي الحديثِ: بيانُ ما في طَعامِ المدينةِ مِن البَرَكةِ
وفيه: فَضيلةٌ ومنقَبةٌ لأهلِ اليمَنِ