مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 577
مسند احمد
حدثنا حجين، ويونس، قالا: حدثنا ليث - قال يونس -: عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه «نهى عن اشتمال الصماء، والاحتباء في ثوب واحد، وأن يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره»
علَّمَنا نَبيُّنا مُحمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ آدابَ كلِّ شيءٍ، ومنها ما في هذا الحديثِ؛
حيث يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "لا تَمْشِ في نَعلٍ واحدٍ"، النَّعلُ هو ما يُلبَسُ على الرِّجلينِ مِن جِلْدٍ رقيقٍ، والنَّهيُ عن هذه الهيئةِ؛ لأنَّها مِشيةُ الشَّيطانِ، ولأنَّه أيضًا تَشويهٌ ومُخالِفٌ للوَقارِ، وإنَّ الرِّجْلَ المُنْعَلَةَ تَصيرُ أرفَعَ مِنَ الأُخرى، فيَعْسُرُ مَشْيُه، وربَّما كان سببًا لِلعِثارِ، "ولا تَحْتَبِ في ثوبٍ واحدٍ"، والاحتباءُ: أنْ يَقعُدَ الإنسانُ على أَليَتَيْهِ ويَنصِبَ ساقَيْهِ، ويَحْتويَ عليهما بِثوبٍ أو نَحوهِ أو بِيَدهِ؛ والنَّهيُ لأنَّه ربَّما تكشَّفَ فرْجُه وعَورتُه، "ولا تأْكُلْ بشِمالِك"، أي: لا يأْكُلْ بيَدِك اليُسرى، بلْ كُلْ بيَدِكَ اليُمْنى؛ لأنَّ اليُمْنى مُخصَّصةٌ للطَّعامِ والشَّرابِ، ولُبْسِ الثِّيابِ، والأعمالِ الشَّريفةِ، وذلك سواءٌ في التَّناولِ أو البَدءِ بها، والشِّمالَ تُخصَّصُ لغيرِ ذلك مِن الأمورِ؛ كالتَّنظُّفِ في الخلاءِ، وإزالةِ الأذَى والقَذَرِ، وغيرِ ذلك مِن الأمورِ المُستقْذَرةِ والمُستهْجَنةِ، وهذا لا يَمنَعُ الاستعانةَ باليدَيْنِ عندَ الضَّرورةِ. "ولا تَشتَمِلِ الصَّمَّاءَ"، أي: ونَهى عَنِ اللِّبْسةِ الصَّمَّاءِ، وهي تَجليلُ الجسدِ كلِّه بِثوبٍ واحدٍ بِلا رفْعِ جانبٍ يُخرِجُ منه اليدَ؛ لأنَّها تَجعَلُ اللَّابسَ كَالمغلولِ، وسُمِّيتِ صَمَّاءَ؛ لأنَّ المنافذَ كلَّها سُدَّتْ كالصَّخرةِ الصَّمَّاءِ الَّتي ليس فيها خَرْقٌ ولا صَدْعٌ، "ولا تضَعْ إحدى رِجْلَيك على الأُخرى إذا استلْقَيْتَ"، أي: إذا نِمْتَ على ظَهْرِك، فلا تَرفَعِ الرِّجلينِ وتَضَع إحْداهما فوقَ الأُخرى؛ حيث يُخْشى أنْ تَبدُوَ العَورةُ