مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 664
مستند احمد
حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن بعض أهله، عن أبيه، عن طلق بن حبيب، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا فورة [ص:156] العشاء» ، كأنه لما يخاف من الاحتضار
علَّم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه كيف يَتَجنَّبونَ أذى الشَّيطانِ، وما يَضُرُّهم في دُنياهم وآخِرَتِهم
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اتَّقوا فَورةَ العِشاءِ"، أيِ: ابتِداءَ اللَّيلِ وظُلمَتَه، وفي مُسلِمٍ: "حتى تَذهَبَ فَحمةُ العِشاءِ" وهي شِدَّةُ الظَّلامِ، ويُقالُ لِلظُّلمةِ التي بَينَ المَغرِبِ والعِشاءِ: فَحمةٌ، والتي بَينَ العِشاءِ والفَجرِ: عَسعَسةٌ، والمَعنى: لا تَخرُجوا، ولا تَبدَؤوا السَّيرَ، وامنَعوا أطفالَكم مِنَ الخُروجِ إلى الطُّرُقاتِ واللَّعِبِ فيها عِندَ دُخولِ هذا الوَقتِ.وقَولُه: (كأنَّه لِمَا يُخافُ مِنَ الاحتِضارِ) يُبَيِّنُ سَبَبَ النَّهيِ؛ لِأنَّه وَقتُ حُضورِ الجِنِّ وانتِشارِهم، وذلك لِئَلَّا يُصيبَ الناسَ منها ضَرَرٌ أو رَوْعٌ أو صَرَعٌ أو غَيرُها؛ "فإنَّ الشَّياطينَ تَنبَعِثُ إذا غابَتِ الشَّمسُ حتى تَذهَبَ فَحمةُ العِشاءِ"؛ إذِ الظَّلامُ أجمَعُ لِقُوى الشَّيطانِ، وعِندَ ابتِداءِ انتِشارِهم يَتعَلَّقونَ بما يُمكِنُهمُ التَّعَلُّقُ به؛ فخِيفَ عليهم مِن ذلك، فعليهم أنْ يَنتَظِروا حتى يَذهَبَ هذا الوَقتُ، ثم يَخرُجوا بَعدَها لِلصَّلاةِ وغَيرِها