مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 710
مسند احمد
حدثنا عفان، وبهز، قالا: حدثنا همام، قال بهز: حدثنا قتادة، قال: قال لي سليمان بن هشام: إن هذا - يعني الزهري - لا يدعنا نأكل شيئا إلا أمرنا أن نتوضأ منه - يعني ما مسته النار -، قال: فقلت له: سألت عنه سعيد بن المسيب، فقال: إذا أكلته فهو طيب ليس عليك فيه وضوء، فإذا خرج فهو خبيث عليك فيه [ص:187] الوضوء، قال: فهل بالبلد أحد؟ قال: قلت: نعم، أقدم رجل في جزيرة العرب علما، قال: من؟ قلت: عطاء بن أبي رباح، قال بهز: فأرسل إليه، فجيء به، قال: فبعث إليه، فقال: حدثني جابر، «أنهم أكلوا مع أبي بكر الصديق خبزا ولحما، فصلى ولم يتوضأ»
في هذا الحديثِ يقولُ جابِرُ بنُ عبدِ الله الأنصاريُّ رضِيَ اللهُ عنهما: قرَّبْتُ، أي: قدَّمْتُ للنَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم خُبزًا ولحمًا فأكَل، ثم دعا بوَضُوءٍ فتوضَّأ به، أي: بعدَما فرَغ مِن الطَّعَامِ طلَبَ ماءً ليتوضَّأ به، ثم صلَّى الظُّهْرَ، ثم دعا بفَضْلِ طَعامِهِ فأَكَلَ، أي: طلَب ما بقِي مِن طعَامِه ليَأْكُلَه، فجمَع بين الطَّعَامَيْنِ، وعاد إلى فَضْلَةِ طَعَامه صلَّى الله عليه وسلَّم، وهذا مِن تَوَاضُعِه صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم قام إلى الصَّلاةِ ولم يَتوضَّأْ؛ فالنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أكَل طعامًا مسَّتْهُ النَّارُ، وهو الخُبْزُ واللَّحْمُ، وتوَضَّأ لصلاةِ الظُّهْرِ، ثم دعا بفَضْلَة طعامِه فأكَل ولم يَتوضَّأْ لصلاةِ العَصْرِ؛ تَعليمًا لأُمَّتِه، ولرَفْعِ الحَرَجِ عنهم، فكان آخِرُ الأمْرَينِ تَرْكَ الوُضوءِ ممَّا مسَّتِ النَّارُ، ونُسِخَ حديثُ الوُضوءِ ممَّا مسَّته النَّارُ
وفي الحديثِ: أنَّه لا بأسَ في قَطْعِ الطَّعامِ لحاجةٍ والرجوعِ إليه وأكْلِ ما فَضَل منه