مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم 145
حدثنا ابن نمير، أخبرنا حجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، خرج علي بابنة حمزة، فاختصم فيها علي، وجعفر، وزيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال علي: ابنة عمي وأنا أخرجتها، وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها عندي، وقال زيد: ابنة أخي. وكان زيد مؤاخيا لحمزة، آخى بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد: " أنت مولاي ومولاها " وقال لعلي: " أنت أخي وصاحبي "، وقال لجعفر: " أشبهت خلقي وخلقي وهي إلى خالتها "
اعتمر صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة، فرفض أهل مكة أن يدعوه يدخلها حتى صالحهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام، فلما كتبوا الكتاب، كتبوا: هذا ما قاضى عليه، أي: هذا هو العهد الذي صالح عليه وعقده محمد رسول الله، فقالوا: لا نقر بها، فلو نعلم أنك رسول الله ما منعناك، أي: لو كنا نعلم ونؤمن برسالتك ما منعناك عن البيت، ولكن أنت محمد بن عبد الله، أي: ولكن الذي نعرفه عنك أنك محمد بن عبد الله، الذي هو اسمك واسم أبيك، المعروف عندنا، فقال: أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله، أي: لا مانع من استبدال هذا بذاك، ثم قال لعلي: امح رسول الله، فقال: لا والله، لا أمحوك، أي: لا أمحو عنك صفة الرسالة، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب، فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله، أي: ما صالح عليه، لا يدخل مكة سلاح "إلا في القراب"، أي: إلا في جعبته، وألا يخرج من أهلها بأحد أراد أن يتبعه، وألا يمنع أحدا من أصحابه أراد أن يقيم بمكة، فلما دخلها ومضى الأجل، أي: فلما دخلها صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء، وانتهت ثلاثة أيام، جاؤوا إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وطلبوا منه أن يبلغ صاحبه بالرحيل، فتبعتهم ابنة حمزة بن عبد المطلب، واسمها أمامة، تريد أن ترحل معهم، فتناولها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فأخذها بيدها، وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك، أي: خذيها، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر رضي الله عنهم، وأراد كل واحد منهم أن يأخذها، فأما زيد رضي الله عنه؛ فلأنه صلى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين حمزة رضي الله عنه، وأما علي رضي الله عنه؛ فلأنها ابنة عمه، وأما جعفر رضي الله عنه فهي بنت عمه، وزوجته أسماء بنت عميس رضي الله عنها خالتها. فحكم صلى الله عليه وسلم لخالتها، وقال: الخالة بمنزلة الأم، وقال لعلي رضي الله عنه: أنت مني، أي: في النسب والمحبة والأسبقية إلى الإسلام، إلى غير ذلك من الفضائل. وقال لجعفر رضي الله عنه: أشبهت خلقي، وهو الصورة الظاهرة، وخلقي، وهو الصورة الباطنة من الأخلاق والفضائل، وقال لزيد رضي الله عنه: أنت أخونا ومولانا، أي: أخونا في الإسلام وعتيقنا، والولاء لحمة كلحمة النسب