مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم 187
حدثنا يزيد، أخبرنا هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: " قبض النبي صلى الله عليه وسلم، وإن درعه مرهونة عند رجل من يهود على ثلاثين صاعا من شعير، أخذها رزقا لعياله "
كان النبي صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا راضيا منها بالقليل، وقد كان ينفق كل ما أفاء الله عليه من الأموال على الفقراء والمحتاجين وفي سبيل الله
وفي هذا الحديث يحكي أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعي مرة من يهودي -كما في رواية أحمد في المسند- على خبز من شعير، «وإهالة» -وهي ما أذيب من الشحم والألية- «سنخة»، أي: متغيرة الريح فاسدة الطعم، فأجاب الدعوة، وأكل من ذلك الطعام
وقد اشترى صلى الله عليه وسلم مرة من يهودي شعيرا بثمن مؤجل، ورهن عنده درعه التي يحتمي بها في الحرب مقابل ذلك؛ لأنه لم يبق في بيته أي شيء من الطعام
وسمع أنس النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما أمسى عند آل محمد صاع بر ولا صاع حب، أي: لم يبق عندهم أي قدر من قمح أو شعير، وما قال النبي صلى الله عليه وسلم قوله هذا تضجرا أو شاكيا -حاشاه الله من ذلك- وإنما قاله معتذرا عن إجابة الدعوة على الطعام المتواضع، ولرهنه درعه عند اليهودي.
ثم قال أنس رضي الله عنه: «وإن عنده لتسع نسوة»، أي: في حين أن لديه تسع زوجات هن في أمس الحاجة إلى الغذاء، ففيه إظهار للسبب في شرائه إلى أجل ورهن الدرع
وفي الحديث: بيع الطعام وغيره، وشراؤه نسيئة
وفيه: مباشرة الشريف والعالم شراء الحوائج بنفسه، وإن كان له من يكفيه؛ لأن جميع المؤمنين كانوا حريصين على كفاية أمره وما يحتاج إلى التصرف فيه، رغبة منهم في رضاه وطلب الآخرة والثواب
وفيه: إجابة الدعوة على الطعام القليل.
وفيه: مشروعية البيع والشراء من أهل الكتاب.
وفيه: مشروعية الرهن عند أهل الكتاب.