مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 491
حدثنا عثمان بن محمد، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، بعرفات واقفا، وقد أردف الفضل، فجاء أعرابي فوقف قريبا وأمة خلفه، فجعل الفضل ينظر إليها، ففطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يصرف وجهه، قال: ثم قال: " يا أيها الناس، ليس البر بإيجاف الخيل ولا الإبل، فعليكم بالسكينة " قال: ثم أفاض، قال: " فما رأيتها رافعة يدها عادية حتى أتى جمعا، قال: فلما وقف بجمع أردف أسامة، ثم قال: " يا أيها الناس، إن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل، فعليكم بالسكينة " قال: ثم أفاض، فما رأيتها رافعة يدها عادية، حتى أتت منى، فأتانا بسواد (1) ضعفى بني هاشم على حمرات لهم، فجعل يضرب أفخاذنا ويقول: " يا بني، أفيضوا، ولا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس "
كان النبي صلى الله عليه وسلم رحيما بالناس، يراعي الكبير والصغير والقوي والضعيف، وفي هذا الحديث يخبر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه في حجة الوداع: "أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة"، أي: نزل من جبل عرفة متوجها إلى المزدلفة، "وعليه السكينة"، أي: كان يسير بهدوء ولا يزاحم خشية أن يؤذي أحدا، "ورديفه أسامة"، أي: يحمل أسامة بن زيد رضي الله عنهما خلفه على الدابة
ثم قال: "أيها الناس، عليكم بالسكينة"، أي: التزموا السير بطمأنينة وتجنبوا التزاحم؛ "فإن البر"، أي: الخير، "ليس بإيجاف الخيل والإبل"، والإيجاف: هو الإسراع في السير؛ قال ابن عباس: "فما رأيتها رافعة يديها"، أي: ما رأيت الخيل والإبل ترفع يديها، "عادية"، أي: مسرعة، "حتى أتى جمعا"، أي: حتى وصل إلى مزدلفة
"زاد وهب- في روايته- وهو ابن بيان أحد رواة الحديث: "ثم أردف الفضل بن العباس"، أي: حمل الفضل رضي الله عنهما خلفه على دابته، وهذا من تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورحمته بالصغار
وفي الحديث: الحث على الطمأنينة والسكينة حال أداء مناسك الحج.