مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 587
حدثنا موسى بن داود، حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعا بثوبه، فقال: " أيها الناس، إن الناس يكثرون، وإن الأنصار يقلون، فمن ولي منكم أمرا ينفع فيه أحدا، فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم "
أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضل الأنصار في أكثر من حديث، ومن ذلك ما جاء في هذا الحديث، حيث يروي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالأنصار في مرضه وفي آخر مجلس جلسه صلى الله عليه وسلم، حيث صعد المنبر متعطفا، أي: مرتديا ملحفة على منكبيه، وهي الإزار الكبير كالمعطف، وقد عصب رأسه بعصابة دسمة، أي: ربطها بعمامة تغير لونها بسبب كثرة الطيب عليها، أو هي سوداء كلون الزيت الدسم، ثم قال: «أيها الناس»، فثابوا إليه، أي: اجتمعوا إليه، فقال: «أما بعد» وهي كلمة يفصل بها بين الكلامين عند إرادة الانتقال من كلام إلى غيره، والمعنى: أقول بعدما تقدم من التشهد والثناء على الله سبحانه وتعالى: «فإن هذا الحي من الأنصار يقلون ويكثر الناس»، أي: يقل عددهم ويكثر غيرهم، وقد حدث ذلك بالفعل، وقل عدد الأنصار بعد ذلك الزمان حتى صاروا ندرة، ثم أوصى الناس أن من ولي منهم إمارة، واستطاع أن يضر أحدا بسلطانه، أو ينفع أحدا به، فليقبل ممن يحسن من الأنصار، ويتجاوز ويعف عمن أساء منهم، وهذا في غير حدود الله تعالى.وفي الحديث: مشروعية قول: «أما بعد» في الخطبة.وفي: تعظيم أمر الأنصار وشأنهم، والتحذير من إيقاع الأذى بهم