مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم 78
حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن عبد الله بن كثير، عن أبي المنهال، عن ابن عباس قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وهم يسلفون في التمر السنتين والثلاث، فقال: " من سلف، فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم "
السَّلَفُ أو السَّلمُ: هو أنْ يبيعَ الرَّجُلُ سِلعةً غيرَ مَوجودةٍ ويَصِفَها بما يُميِّزُها، ويُحدِّدَ أَجلًا لقَبضِ هذه السِّلعةِ، وقد حدَّدَ الشَّرعُ أُصولَ المُعاملاتِ والبُيوعِ؛ حتى لا يقَعَ غَبنٌ أو غَرَرٌ ما، يَتسبَّبُ في التَّنافُرِ والتَّشاحُنِ بينَ النَّاسِ
وفي هذا الحَديثِ يَروي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "قدِمَ المَدينةَ"، أي: حينَ جاءَها مُهاجِرًا، "وهم يُسْلِفونَ في التَّمرِ السَّنةَ والسَّنتَينِ -وربَّما قال: والثَّلاثَ-"، أي أنَّ مِن بُيوعِهم التي يَتعامَلونَ بها، أنَّهم يَبيعونَ التَّمرَ مؤجَّلًا إلى عامٍ أو عامَينِ أو ثلاثةِ أعْوامٍ، بثَمنٍ مُعجَّلٍ مَقبوضٍ حالًّا في مَجلسِ العَقدِ، وإنَّما جَرى ذِكرُ التَّمرِ؛ لأنَّه غالبُ ما يُسلَمُ فيه عندهم؛ فأقَرَّهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على بَيعِ السَّلَمِ، ولكنْ ضبَطَه بشُروطٍ مُعيَّنةٍ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن أسلَفَ"، أي: مَن باع واشتَرى بالسَّلَفِ والسَّلَمِ؛ "فليُسلِفْ في كَيلٍ مَعلومٍ، ووَزنٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مَعلومٍ"، أي: فليَكُنِ الشَّيءُ الذي اشتَراه شيئًا مُعيَّنًا، مَعلومَ المِقدارِ، مَحدودَ الكَمِّيَّةِ كَيلًا ووَزنًا، مَضبوطًا بأجَلٍ مَعلومٍ، ومُدَّةٍ مُعيَّنةٍ مَعروفةٍ مُحدَّدةٍ؛ كسَنةٍ أو سَنتَينِ مَثلًا، لا بأجَلٍ مَجهولِ المُدَّةِ غيرِ مُحدَّدِ الزَّمنِ
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ السَّلَمِ والسَّلَفِ في كلِّ شيءٍ مِن العُروضِ، ممَّا تَجتمِعُ شُروطِ السَّلَمِ فيه .