مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 794
حدثنا حجاج، أخبرنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " كل حلف كان في الجاهلية، لم يزده الإسلام إلا شدة، أو حدة " (2)
كان الناس يتحالفون في الجاهلية على نصر بعضهم بعضا في كل ما يفعلونه، فهدم الإسلام ذلك، إلا ما كان عهدا على الحق والنصرة على الأخذ على يد الظالم الباغي
وفي هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا حلف في الإسلام، والحلف: هو عقد النصرة والتعاون بين فردين أو قبيلتين أو جماعتين، والمراد بالحلف المنفي حلف التوارث والحلف على ما منع الشرع منه، وقيل: وإنما نفي الحلف في الإسلام؛ لأن الإسلام يوجب على المسلم لأخيه المسلم من التعاون والأخوة والتناصر ما هو فوق المطلوب من الحلف؛ فلا معنى لعقد الحلف بين المسلمين
وبين صلى الله عليه وسلم أن ما كان من حلف في الجاهلية؛ فإن الإسلام لا يزيده إلا شدة، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إحداث ما يخالف قواعد وشرائع الإسلام، وأقر ما كان في الجاهلية مما لا يخالفه؛ وفاء بالعهود وحفظا للحقوق
وفي الصحيحين قال أنس بن مالك رضي الله عنه: «قد حالف النبي صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داري»، يقصد بذلك المؤاخاة التي أنشأها النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار للائتلاف على الإسلام، وهذه المحالفة ليست المنهي عنها؛ لأنها لا تخالف أصول الشريعة الإسلامية، وإنما سماها أنس رضي الله عنه محالفة؛ لأن معناها معنى المحالفة، والمنفي من المحالفة ما كانوا يعتبرونه في الجاهلية من نصر الحليف ولو كان ظالما، ومن أخذ الثأر من القبيلة بسبب قتل واحد منها، ومن التوارث، ونحو ذلك، والمثبت ما عدا ذلك؛ من نصر المظلوم، والقيام بأمر الدين، ونحو ذلك من المستحبات الشرعية، كالمصادقة والمودة وحفظ العهد